وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( يرزقكم ) يجوز أن تكون وصفا ثانيا ل ( خالق ) . ويجوز أن تكون استئنافا بيانيا .
وجعل النفي متوجها إلى القيد وهو جملة الصفة كما هي سنته في الكلام المقيد لأن المقصود التذكير بنعم الله تعالى ليشكروا ويكون ذلك كناية عن الاستدلال على انتفاء وصف الخالقية عن غيره تعالى لأنه لو كان غيره خالقا لكان رازقا إذ الخلق بدون رزق قصور في الخالقية لأن المخلوق بدون رزق لا يلبث أن يصير إلى الهلاك والعدم فيكون خلقه عبثا ينزه عنه الموصوف بالإلهية المقتضية للحكمة فكانت الآية مذكرة بنعمتي الإيجاد والإمداد .
وزيادة ( من السماء والأرض ) تذكير بتعدد مصادر الأرزاق فإن منها سماوية كالمطر الذي منه شراب ومنه طهور وسبب نبات أشجار وكلا وكالمن الذي ينزل على شجر خاص من أندية في الجو وكالضياء من الشمس والاهتداء بالنجوم في الليل وكذلك أنواع الطير الذي يصاد كل ذلك من السماء .
ومن الأرض أرزاق كثيرة من حبوب وثمار وزيوت وفواكه ومعادن وكلأ وكمأة وأسماك البحار والأنهار .
وفي هذا القيد فائدة أخرى وهي دفع توهم الغفل أن أرزاقا تأتيهم من غير الله من أنواع العطايا التي يعطيها بعضهم بعضا والمعاوضات التي يعاوضها بعضهم مع بعض فإنها لكثرة تداولها بينهم قد يلهيهم الشغل بها عن التدبر في أصول منابعها فإن أصول موادها من صنع الله تعالى فآل ما يعطاه الناس منها إلى أنه من الله على نحو ما عرض للذي حاج إبراهيم في ربه إذ قال له إبراهيم ( ربي الذي يحيي ويميت . قال : أنا أحي وأميت ) فهذا رجل محكوم بقتله ها أنا ذا أعفوا عنه فقد أحييته وهذا رجل حي ها أنا ذا آمر به فيقتل فأنا أميت . فانتقل إبراهيم إلى أن قال له ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب ) .
A E ( لا إله إلا هو فأنى تؤفكون [ 3 ] ) هذا نتيجة عقب ذكر الدليل إذ رتب على انفراده بالخالقية والرازقية انفراده بالإلهية لأن هذين الوصفين هما أظهر دلائل الإلهية عند الناس فجملة ( لا إله إلا هو ) مستأنفة . وفرع عليه التعجيب من انصرافهم عن النظر في دلائل الوحدانية بجملة ( فأنى تؤفكون ) .
و ( أنى ) اسم استفهام يجيء بمعنى استفهام عن الحالة أو عن المكان أو عن الزمان . والاستفهام عن حالة انصرافهم هو المتعين هنا وهو استفهام مستعمل في التعجيب من انصرافهم عن الاعتراف بالوحدانية تبعا لمن يصرفهم وهم أولياؤهم وكبراؤهم .
و ( تؤفكون ) مبني للمجهول من أفكه من باب ضربه إذا صرفه وعدل به فالمصروف مأفوك . وحذف الفاعل هنا لأن آفكيهم أصناف كثيرون وتقدم في قوله تعالى ( قاتلهم الله أنى يؤفكون ) في سورة براءة .
( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور [ 4 ] ) عطف على جملة ( اذكروا نعمة الله عليكم ) أي وإن استمروا على انصرافهم عن قبول دعوتك ولم يشكروا النعمة ببعثك فلا عجب فقد كذب أقوام من قبلهم رسلا من قبل . وهو انتقال من خطاب الناس إلى خطاب النبي A لمناسبة جريان خطاب الناس على لسانه فهو مشاهد لخطابهم فلا جرم أن يوجه إليه الخطاب بعد توجيهه إليهم إذ المقام واحد كقوله تعالى ( يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك ) .
وإذ قد أبان لهم الحجة على انفراد الله تعالى بالإلهية حين خاطبهم بذلك نقل الإخبار عن صدق الرسول A فيما أنكروا قبوله منه فإنه لما استبان صدقه في ذلك بالحجة ناسب أن يعرض إلى الذين كذبوه بمثل عاقبة الذين كذبوا الرسل من قبله وقد أدمج في خلال ذلك تسلية الرسول A على تكذيب قومه إياه بأنه لم يكن مقامه في ذلك دون مقام الرسل السابقين .
وجيء في هذا الشرط بحرف ( إن ) الذي أصله أن يعلق به شرط غير مقطوع بوقوعه تنزيلا لهم بعد ما قدمت إليهم الحجة على وحدانية الله المصدقة لما جاءهم به الرسول E فكذبوه فيه منزلة من أيقن بصدق الرسول فلا يكون فرض استمرارهم على تكذيبه إلا كما يفرض المحال .
وهذا وجه إيثار الشرط هنا بالفعل المضارع الذي في حيز الشرط يتمخض للاستقبال أي إن حدث منهم تكذيب بعد ما قرع أسمائهم من البراهين الدامغة