وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإمساك حقيقته : أخذ الشيء باليد مع الشد عليه بها لئلا يسقط أو ينفلت وهو يتعدى بنفسه أو هو هنا مجاز عن الحبس والمنع ولذلك قوبل به الفتح .
وأما قولهم : أمسك بكذا فالباء إما لتوكيد لصوق المفعول بفعله كقوله تعالى ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) وإما لتضمينه معنى الاعتصام كقوله تعالى ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) .
وقد أوهم الناس في القاموس واللسان والتاج أنه لا يتعدى بنفسه .
فقوله هنا ( وما يمسك ) حذف مفعوله لدلالة قوله ( ما يفتح الله للناس من رحمة ) عليه والتقدير : وما يمسكه من رحمة ولم يذكر له بيان استغناء ببيانه من فعل .
والإرسال : ضد الإمساك وتعدية الإرسال باللام للتقوية لأن العامل هنا فرع في العمل .
و ( من بعده ) بمعنى : من دونه كقوله تعالى ( فمن يهديه من بعد الله ) ( فبأي حديث بعد الله ) أي فلا مرسل له دون الله أي لا يقدر أحد على إبطال ما أراد الله من إعطاء أو منع والله يحكم لا معقب لحكمه . وتذكير الضمير في قوله ( فلا مرسل له ) مراعاة للفظ ( ما ) لأنها لا بيان لها وتأنيثه في قوله ( فلا ممسك لها ) لمراعاة بيان ( ما ) في قوله ( من رحمة ) لقربه .
وعطف ( وهو العزيز الحكيم ) تذييل رجح فيه جانب الإخبار فعطف وكان مقتضى الظاهر أن يكون مفصولا لإفادة أنه يفتح ويمسك لحكمة يعلمها وأنه لا يستطيع أحد نقض ما أبرمه في فتح الرحمة وغيره من تصرفاته لأن الله عزيز لا يمكن لغيره أن يغلبه فأن نقض ما أبرم ضر من الهوان والمذلة . ولذلك كان من شعار صاحب السؤدد أنه يبرم وينقض قال الأعشى : .
علقم ما أنت إلى عامر ... الناقض الأوتار والواتر A E وضمير ( لها ) وضمير ( له ) عائدان إلى ( ما ) من قوله ( ما يفتح الله للناس من رحمة ) روعي في تأنيث أحد الضميرين معنى ( ما ) فإنه اسم صادق على ( رحمة ) وقد بين بها وروعي في تذكير الضمير الآخر لفظ ( ما ) لأنه لفظ لا علامة تأنيث فيه . وهما اعتباران كثيران في مثله فصيح الكلام فالمتكلم بالخيار بين أي الاعتبارين شاء . والجمع بينهما في هذه الآية تفنن . وأوثر بالتأنيث ضمير ( ما ) لأنها مبينة بلفظ مؤنث وهو ( من رحمة ) .
( يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خلق غير الله يرزقكم من السماء والأرض ) لما جرى ذكر رحمة الله التي تعم الناس كلهم أقبل على خطابهم بأن يتذكروا نعمة الله عليهم الخاصة وهي النعمة التي تخص كل واحد بخاصته فيأتلف منها مجموع الرحمة العامة للناس كلهم وما هي إلا بعض رحمة الله بمخلوقاته .
والمقصود من تذكر النعمة شكرها وقدرها قدرها . ومن أكبر تلك النعم نعمة الرسالة المحمدية التي هي وسيلة فوز الناس الذين يتبعونها بالنعيم الأبدي . فالمراد بالذكر هنا التذكر بالقلب وباللسان فهو من عموم المشترك أو من إرادة القدر المشترك فإن الذكر باللسان والذكر بالقلب يستلزم أحدهما الأخر وإلا لكان الأول هذيانا والثاني كتمانا . قال عمر بن الخطاب " أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه " أي وفي كليهما فضل .
ووصفت النعمة ب ( عليكم ) لأن المقصود من التذكر التذكر الذي يترتب عليه الشكر وليس المراد مطلق التذكر بمعنى الاعتبار والنظر في بديع فضل الله فذلك له مقام آخر على أن قوله ( هل من خالق غير الله يرزقكم ) قد تضمن الدعوة إلى النظر في دليل الوحدانية والقدرة والفضل .
والاستفهام إنكاري في معنى النفي ولذلك اقترن ما بعده ب ( من ) التي تزاد لتأكيد النفي واختير الاستفهام ب ( هل ) دون الهمزة لما في أصل معنى ( هل ) من الدلالة على التحقيق والتصديق لأنها في الأصل بمعنى ( قد ) وتفيد تأكيد النفي .
والاهتمام بهذا الاستثناء قدم في الذكر قبل ما هو في قوة المستثنى منه . وجعل صفة ل ( خالق ) لأن ( غير ) صالحة للاعتبارين ولذلك جرت القراءات المشهورة على اعتبار ( غير ) هنا وصفا ل ( خالق ) فجمهور القراء قرأوه برفع ( غير ) على اعتبار محل ( خالق ) المجرور ب ( من ) لأن محله رفع بالابتداء . وإنما لم يظهر الرفع للاشتغال بحركة حرف الجر الزائد . وقرأه حمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف بالجر على إتباع اللفظ دون المحل . وهما استعمالان فصيحان في مثله اهتم بالتنبيه عليهما سيبويه في كتابه