وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن ماهية الملائكة تتحصل فيما ذكره سعد الدين في كتاب المقاصد " إنهم أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة شأنهم الخير والطاعة والعلم والقدرة على الأعمال الشاقة ومسكنهم السماوات وقال : هذا ظاهر الكتاب والسنة وهو قول أكثر الأمة " اه . ومعنى الأجسام اللطيفة أنها من قبيل الجوهر لا العرض وأنها جواهر مما يسمى عند الحكماء بالمجردات .
وعندي : أن تعريف صاحب المقاصد لحقيقة الملائكة لا يخلو عن تخليط في ترتيب التعريف لأنه خلط في التعريف بين الذاتيات والعرضيات .
والوجه عندي في ترتيب التعريف أن يقال : أجسام لطيفة نورانية أخيار ذوو قوة عظيمة ومن خصائصهم القدرة على التشكل بأشكال مختلفة والعلم بما تتوقف عليه أعمالهم ومقرهم السماوات ما لم يرسلوا إلى جهة من الأرض .
وهذا التشكل انكماش وتقبض في ذرات نورايتهم وإعطاء صورة من صور الجسمانيات الكثيفة لذواتهم . دل على تشكلهم قوله تعالى لهم يوم بدر ( فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) وثبت تشكل جبريل عليه السلام للنبي A في صورة دحية الكلبي وتشكله له ولعمر بن الخطاب في حديث السؤال عن الإيمان والإسلام والإحسان والساعة في صورة " رجل شديد بياض الثياب سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد " أي من أهل المدينة " حتى جلس إلى النبي A فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه إلى فخذيه " الحديث وقول النبي A بعد أن فارقهم الرجل " هل تدرون من السائل ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " كما في الصحيحين عن عمر بن الخطاب . وثبت حلول جبريل في غار حراء في بدء الوحي وظهوره للنبي A على كرسي بين السماء والأرض بصورته التي رآه فيها غار حراء كما ذلك في حديث نزول سورة المدثر ورأى كثير من أصحاب رسول الله A يوم بدر ناسا لا يعرفونهم على خيل يقاتلون معهم .
A E وجملة ( يزيد في الخلق ما يشاء ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأن ما ذكر من صفات الملائكة يثير تعجب السامع أن يتساءل عن هذه الصفة العجيبة فأجيب بهذا الاستئناف بان مشيئة الله تعالى لا تنحصر ولا توقت . ولكل جنس من أجناس المخلوقات مقوماته وخواصه . فالمراد بالخلق : المخلوقات كلها أي يزيد الله في بعضها ما ليس في خلق آخر . فيشمل زيادة قوة بعض الملائكة على بعض وكل زيادة في شيء بين المخلوقات من المحاسن والفضائل من حصافة عقل وجمال صورة وشجاعة وذلقة لسان ولياقة كلام . ويجوز أن تكون جملة " يزيد في الخلق ما يشاء " صفة ثانية للملائكة أي أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في خلقهم ما يشاء كأنه قيل : مثنى وثلاث ورباع وأكثر فما في بعض الأحاديث من كثرة أجنحة جبريل يبين معنى ( يزيد في الخلق ما يشاء ) . وعليه فالمراد بالخلق ما خلق عليه الملائكة من أن لبعضهم أجنحة زائدة على ما لبعض آخر .
وجملة ( إن الله على كل شيء قدير ) تعليل لجملة ( يزيد في الخلق ما يشاء ) وفي هذا تعريض بتسفيه عقول الذين أنكروا الرسالة وقالوا ( إن أنتم إلا بشر مثلنا ) فأجيبوا بقول الرسل ( إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده ) .
( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم [ 2 ] ) هذا من بقية تصدير السورة ب ( الحمد لله فاطر السماوات والأرض ) وهو عطف على ( فاطر السماوات والأرض ) الخ . والتقدير : وفاتح الرحمة للناس وممسكها عنهم فلا يقدر أحد على إمساك ما فتحه ولا على فتح ما أمسكه .
و ( ما ) شرطية أي اسم فيه معنى الشرط . وأصلها اسم موصول ضمن معنى الشرط . فانقلبت صلته إلى جملة شرطية وانقلبت جملة الخبر جوابا واقترنت بالفاء لذلك فأصل ( ما ) الشرطية هو الموصولة . ومحل ( ما ) الابتداء وجواب الشرط أغنى من الخبر .
و ( من رحمة ) بيان لإبهام ( ما ) والرابط محذوف لأنه ضمير منصوب .
والفتح : تمثيلية لإعطاء الرحمة إذ هي من النفائس التي تشبه المدخرات المتنافس فيها فكانت حالة إعطاء الله الرحمة شبيهة بحالة فتح الخزائن للعطاء فأشير إلى هذا التمثيل بفعل الفتح وبيانه بقوله ( من رحمة ) قرينة الاستعارة التمثيلية