وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمعنى : تسمعون منه ما سمعناه منه فتعرفوا عذرنا في مناصبته العداء . وقد كان المشركون هيأوا ما يكون جوابا للذين يردون عليهم في الموسم من قبائل العرب يتساءلون عن خبر هذا الذي ظهر فيهم يدعى أنه رسول من الله إلى الناس وعن الوحي الذي يبلغه عن الله كما ورد في خبر الوليد بن المغيرة إذ قال لقريش : إنه قد حضر هذا الموسم وأن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ويرد قولكم بعضه بعضا فقالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقول به . قال : بل أنتم قولوا أسمع قالوا : نقول كاهن ؟ قال لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا يسجعه . قالوا فنقول مجنون ؟ قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخلجه ولا وسوسته قالوا فنقول شاعر ؟ قال : لقد عرفنا الشعر كله فما هو بالشعر فقلوا : فنقول ساحر ؟ قال : ما هو بنفثه ولا عقده قالوا : فما نقول يا أبا شمس ؟ قال : إن أقرب القول فيه أن تقولوا : ساحر جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزجه وبين المرء وعشيرته .
فلعل المشركين كانوا يستقبلون الواردين على مكة بهاته المقالة ( هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ) طمعا منهم بأنها تصرف الناس عن النظر في الدعوة تلبسا باستحالة هذا الخلق الجديد .
ويرجح ذلك إتمامها بالاستفهام ( افترى على الله كذبا أم به جنة ) .
ثم إن كان التقاول بين المشركين بعضهم لبعض فالتعبير عن الرسول A ب ( رجل ) منكر من كونه معروفا بينهم وعن أهل بلدهم قصدوا من تنكيره أنه لا يعرف تجاهلا منهم . قال السكاكي " كأن لم يكونوا يعرفون منه إلا أنه رجل ما " .
وإن كان قول المشركين موجها إلى الواردين مكة في الموسم كان التعبير ب ( رجل ) جرا على مقتضى الظاهر لأن الواردين لا يعرف النبي A ولا دعوته فيكون كقول أبي ذر ( قبل إسلامه ) لأخيه " اذهب فاستعلم لنا خبر هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي " ومعنى ( ندلكم ) نعرفكم ونرشدكم . وأصل الدلالة الإرشاد إلى الطريق الموصل إلى مكان مطلوب . وغالب استعمال هذا الفعل أن يكون إرشاد من يطلب معرفة وبذلك فالآية تقتضي أن هذا القول يقولونه للذين يسألونهم عن خبر رجل ظهر بينهم يدعي النبوة فيقولون : هل ندلكم على رجل يزعم كذا أي ليس بنبي بل مفتر أو مجنون فمورد الاستفهام هو ما تضمنه قولهم ( إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد افترى على الله كذبا أم به جنة ) أي هل تريدون أن ندلكم على من هذه صفته أي وليس من صفته أنه نبي بل هو : إما كاذب أو غير عاقل .
والإنباء : الإخبار عن أمر عظيم وعظمة هذا القول عندهم عظمة إقدام قائله على ادعاء وقوع ما يرونه محال الوقوع .
وجملة ( إنكم لفي خلق جديد ) هي المنبأ به . ولما كان الإنباء في معنى القول لأنه إخبار صح أن يقع بعده ما هو من قول المنبأ . فالتقدير من جهة المعنى : يقول إنكم لفي خلق جديد ولذلك اجتلبت ( إن ) المكسورة الهمزة دون المفتوحة لمراعاة حكاية القول .
وهذه حكاية ما نبأ به لأن المنبئ إنما نبأ بأن الناس يصيرون في خلق جديد .
وأما شبه الجملة وهو قوله ( إذا مزتم كل ممزق ) فليس مما نبأ به الرجل وإنما هو اعتراض في كلام الحاكين تنبيها على استحالة ما يقوله هذا الرجل على أنه لازم لإثبات الخلق الجديد لكل الأموات . وليس ( إذا ) بمفيد شرطا للخلق الجديد لأنه ليس يلزم للخلق الجديد أن يتقدمه البلى ولكن المراد أنه يكون البلى حائلا دون الخلق الجديد المنبأ به .
وتقديم هذا الاعتراض للاهتمام به ليتقرر في أذهان السامعين لأنه مناط الإحالة في زعمهم فإن إعادة الحياة للأموات تكون بعد انعدام أجزاء الأجساد وتكون بعد تفريقها تفرقا قريبا من العدم وتكون بعد تفرق ما وتكون مع بقاء الأجساد على حالها بقاء متفاوتا في الصلابة والرطوبة وهم أنكروا إعادة الحياة في سائر الأحوال ولكنهم خصوا في كلامهم الإعادة بعد التمزق كل ممزق أي بعد اضمحلال الأجساد أو تفرقها الشديد لقوة استحالة إرجاع الحياة إليها بعدئذ .
والتمزيق : تفكيك الأجزاء المتلاصقة بعضها عن بعض بحيث تصير قطعا متباعدة