وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( الذين أوتوا العلم ) فسره بعض المفسرين بأنهم علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى فيكون هذا إخبارا عما في قلوبهم كما في قوله تعالى في شأن الرهبان ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ) فهذا تحد للمشركين وتسلية للرسول A والمؤمنين وليس احتجاج بسكوتهم على إبطاله في أوائل الإسلام قبل أن يدعوهم النبي A ويحتج عليهم ببشائر رسلهم وأنبيائهم به فعاند أكثرهم حينئذ تبعا لعامتهم .
وبهذا تتبين أن إرادة علماء أهل الكتاب من هذه الآية لا يقتضي أن تكون نازلة بالمدينة حتى يتوهم الذين توهموا أن هذه الآية مستثناة من مكيات السورة كما تقدم .
والأظهر أن المراد من ( الذين أوتوا العلم ) من آمنوا بالنبي A من أهل مكة لأنهم أوتوا القرآن . وفيه علم عظيم هم عالموه على تفاضلهم في فهمه والاستنباط منه فقد كان الواحد من أهل مكة يكون فضا غليظا حتى إذا أسلم رق قلبه وامتلأ صدره بالحكمة وانشرح لشرائع الإسلام واهتدى إلى الحق وإلى الطريق المستقيم . وأول مثال لهؤلاء وأشهره وأفضله هو عمر بن الخطاب للبون البعيد بين حالتيه في الجاهلية والإسلام . وهذا ما أعرب عنه قول بي خراش الهذلي خالطا فيه الجد بالهزل : .
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل ... سوى العدل شيئا فاستراح العواذل فإنهم كانوا إذا لقوا النبي A أشرقت عليهم أنوار النبوة فملأتهم حكمة وتقوى . وقد قال النبي A لأحد أصحابه : " لو كنتم في بيوتكم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة بأجنحتها " . وبفضل ذلك ساسوا الأمة وافتتحوا الممالك وأقاموا العدل بين الناس مسلمهم وذميمهم ومعاهدهم وملأوا أعين ملوك الأرض مهابة . وعلى هذا المحمل حمل ( الذين أوتوا العلم ) في سورة الحج ويؤيده قوله تعالى ( وقال الذين أوتوا العلم والإيمان ) في سورة الروم .
وجملة ( ويهدي إلى صراط العزيز الحميد ) في موضع المعطوف على المفعول الثاني ل ( يرى ) . والمعنى : يرك الذين أتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هاديا إلى العزيز الحميد وهو من عطف الفعل على الاسم الذي فيه مادة الاشتقاق وهو ( الحق ) فإن المصدر في قوة الفعل لأنه إما مشتق أو هو أصل الاشتقاق . والعدول عن الوصف إلى صيغة المضارع لإشعارها بتجدد الهداية وتكررها . وإيثار وصفي ( العزيز الحميد ) هنا دون بقية الأسماء الحسنى إيماء إلى أن بقية المؤمنين حين يؤمنون بأن القرآن هو الحق والهداية استشعروا من الإيمان أنه صراط يبلغ به إلى العزة قال تعالى ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) ويبلغ إلى الحمد أي الخصال الموجبة للحمد وهي الكمالات من الفضائل والفواضل .
( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد [ 7 ] افترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد [ 8 ] ) انتقال إلى قولة أخرى من شناعة أهل الشرك معطوفة على ( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة ) . وهذا القول قائم مقام الاستدلال على القول الأول لأن قولهم ( لا تأتينا الساعة ) دعوى وقولهم ( هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ) مستند تلك الدعوى ولذلك حكي بمثل الأسلوب الذي حكيت به الدعوى في المسند والمسند إليه .
وأدمجوا في الاستدلال التعجيب من الذي يأتي بتقيض دليلهم ثم إرداف ذلك التعجيب بالطعن في المتعجب به .
والمخاطب بقولهم ( هل ندلكم ) غير مذكور لأن المقصود في الآية الاعتبار بشناعة القول ولا غرض يتعلق بالمقول لهم . فيجوز أن يكون قولهم هذا تقاولا بينهم أو يقوله بعضهم لبعض أو يقول كبراؤهم لعامتهم ودهمائهم . ويجوز أن يكون قول كفار مكة للواردين عليهم في الموسم . وهذا الذي يؤذن به فعل ( ندلكم ) من أنه خطاب لمن يبلغهم قول النبي A .
والاستفهام مستعمل في العرض مثل قوله تعالى ( فقل هل لك إلى أن تزكى ) وهو عرض مكنى به من التعجيب أي هل ندلكم على أعجوبة من رجل ينبئكم بهذا النبأ المحال .
A E