وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وللحكماء والشعراء أقوال كثيرة في الثقلاء طفحت بها كتب أدب الأخلاق ومعاملة الناس النبي A بهذا الخلق أشد بعدا عن الأدب لأن للنبيء A أوقاتا لا تخلو ساعة منها عن الاشتغال بصلاح الأمة ويجب أن لا يشغل أحد أوقاته إلا بأذنه ولذلك قال تعالى ( إلا أن يأذن لكم ) .
والأمر في قوله ( فأدخلوا ) للندب لأن إجابة الدعوة إلى الوليمة سنة وتقييد النهي بقوله ( غير ناظرين إناه ) للتنزيه لأن الحضور قبل تهيؤ الطعام غير مقتضى للدعوة ولا يتضمنه الإذن فهو تطفل .
والأمر في قوله ( فانتشروا ) للوجوب لأن دخول المنزل بغير إذن حرام وأنما جاز بمقتضى الدعوة للأكل فهو إذن مقيد المعنى بالغرض المأذون لأجله فإذا انقضى السبب المبيح للدخول عاد تحريم الدخول إلى أصله إلا أنه نظري قد يغفل عنه لأن أصله مأذون فيه والمأذون فيه شرعا لا يتقيد بالسلامة إلا إذا تجاوز الحد المعروف تجاوزا بينا . وعطف ( ولا مستأنسين لحديث ) راجع إلى هذا الأمر بقوله ( فانتشروا ) فلذلك ذكر عقبه فإن استدامة المكث في معنى الدخول فذكر بإثارة وحصل تفنن في الكلام .
وفي هذه الآية دليل على أن طعام الوليمة وطعام الضيافة ملك للمتضيف وليس ملكا للمدعوين ولا للأضياف لأنهم إنما أذن لهم في الأكل منه خاصة ولم يملكوه فلذلك لا يجوز لأحد رفع شيء من ذلك الطعام معه .
A E وجملة ( إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم ) استئناف ابتدائي للتحذير ودفع الاغترار بسكوت النبي A أن يحسبوه رضي بما فعلوا . فمناط التحذير قوله ( ذلكم كان يؤذي النبي ) فإن أذى النبي A مقرر في نفوسهم أنه عمل مذموم لأن النبي عليه الصلاة و السلام أعز خلق في نفوس المؤمنين وذلك يقتضي التحرز مما يؤذيه أدنى أذى . ومناط دفع الاغترار قوله ( فيستحيي منكم ) فإن السكوت قد يظنه الناس رضى وإذنا وربما تطرق إلى أذهان بعضهم أن جلوسهم لو كان محظورا لما سكت عليه النبي A فأرشد الله إلى أن السكوت الناشئ عن سبب هو سكوت لا دلالة له على الرضى وأنه إنما سكت حياء من مباشرتهم بالإخراج فهو استحياء خاص من عمل خاص . وإنما كان ذلك مؤذيا النبي A لأن فيه ما يحول بينه وبين التفرغ لشؤون النبوة من تلقي الوحي أو العبادة أو تدبير أمر الأمة أو التأخر عن الجلوس في مجلسه لنفع المسلمين ولشؤون ذاته وبينه و أهله . واقتران الخبر بحرف ( إن ) للاهتمام به . ولك أن تجعله من تنزيل غير المتردد لأن حال النفر الذين أطالوا الجلوس والحديث في بيت النبي E وعدم شعورهم بكراهيته ذلك منهم حين دخل البيت فلما وجدهم خرج فغفلوا عما في خروج النبي A من البيت من إشارة إلى كراهيته بقاءهم . تلك حالة من يظن ذلك مأذونا فيه فخوطبوا بهذا الخطاب تشديدا في التحذير واستفاقة من التغرير .
وإقحام فعل ( كان ) لإفادة تحقيق الخبر .
وصيغ ( يؤذي ) بصيغة المضارع دون اسم الفاعل لقصد إفادة أذى متكرر والتكرير كناية عن الشدة .
والأذى : ما يكدر مفعوله ويسيء من قول أو فعل . وتقدم في قوله تعالى ( لن يضروكم ألا أذى ) في آل عمران وهو مراتب متفاوتة في أنواعه .
والتفريع في قوله ( فيستحيي منكم ) تفريع على مقدر دلت عليه القصة .
والتقدير : فيهم بإخراجكم فيستحيي منكم إذ ليس الاستحياء مفرعا على الإيذاء ولا هو من لوازمه .
ودخول ( من ) المتعلقة ب ( يستحيي ) على ضمير المخاطبين على تقدير مضاف أي يستحيي من إعلامكم بأنه يؤذيه .
وتعدية المشتقات من مادة الحياء إلى الذوات شائع يساوي الحقيقة لأن الاستحياء يختلف باختلاف الذوات فقولك : أردت أن أفعل كذا فاستحيت من فلان يجوز أن تكون الحقيقة هي التعليق بذات فلان وأن تكون هي التعليق بالأحوال الملابسة له التي هي سبب الاستحياء لأجل ملابستها له . ولك أن تقول : استحييت أن أفعل كذا بمرأى فلان . وعلى التقدير الأول تكون ( من ) للتعليل وعلى التقدير الثاني تكون ( من ) للابتداء . وظاهر كلام الكشاف يقتضي أن : استحييت من فلان مجاز أو توسع وأن : استحييت من فعل كذا لأجل فلان هو الحقيقة . وظاهر كلام صاحب الكشف عكس ذلك والأمر هين .
وصيغ فعل ( يستحيي ) بصيغة المضارع لأنه مفرع على ( يؤذي النبي ) ليدل على ما دل عليه المفرع هو عليه