وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والصبار : مبالغة في الموصوف بالصبر والشكور كذلك أي الذين لا يفارقهم الوصفان . وهذان وصفان للمؤمنين الموحين في الصبر للضراء والشكر للسراء إذ يرجون بهم رضى الله تعالى الذي لا يتوكلون إلا عليه في كشف الضر والزيادة من الخير . وقد تخلقوا بذلك بما سمعوا من الترغيب في الوصفين والتحذير من ضديهما قال ( والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ) وقال ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) فهم بين رجاء الثواب وخوف العقاب لأنهم آمنوا بالحياة الخالدة ذات الجزاء وعلموا أن مصيرهم إلى الله الذي أمر ونهى فصارا لهم خلقا تطبعوا عليه فلم يفارقاهم البتة أو إلا نادرا ؛ فأما المشركون فنظرهم فأصر على الحياة الحاضرة فهم أسراء العالم الحسي فإذا أصابهم ضر ضجروا وإذا أصابهم نفع بطروا فهم أخلياء من الصبر والشكر فلذلك كان قوله ( لكل صبار شكور ) كناية رمزية عن المؤمنين وتعريضا رمزيا بالمشركين .
ووجه إيثار خلقي الصبر والشكر هنا للكناية بهما من شعب الإيمان أنهما أنسب بمقام السير في البحر إذ راكب البحر بين خطر وسلامة وهما مظهر الصبر والشكر كما تقدم في قوله تعالى ( هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك ) الآية في سورة يونس .
A E وفي قوله ( لكل صبار شكور ) حسن التخلص إلى التفصيل الذي عقبه في قوله ( وإذا غشيهم موج كالظلل ) الآية فعطف على آيات سير الفلك إشارة إلى أن الناس يذكرون الله عند تلك الآيات عند الاضطرار وغفلتهم عنها في حال السلامة وهو ما تقدم مثله في قوله في سورة العنكبوت ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) وقوله في سورة يونس ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة ) الآيات .
والغشيان مستعار للمجيء لأنه يشبه التغطية وتقدم في قوله تعالى ( يغشي الليل النهار ) في سورة الأعراف .
والظلل : بضم الظاء وفتح اللام : جمع ظلة بالضم وهي : ما أظل من سحاب .
والفاء في قوله ( فمنهم مقتصد ) تدل على مقدر كأنه قيل : فلما نجاهم انقسموا فمنهم مقتصد ومنهم غيره كما سيأتي . وجعل ابن مالك الفاء داخلة على جواب ( لما ) أي رابطة للجواب ومخالفوه يمنعون اقتران جواب ( لما ) بالفاء كما في مغني اللبيب .
والمقتصد : الفاعل للقصد وهو التوسط بين طرفين والمقام دليل على أن المراد الاقتصاد في الكفر لوقوع تذييله بقوله ( وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) ولقوله في نظيره في سورة العنكبوت ( فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) وقد يطلق المقصد على الذي يتوسط حاله بين الصلاح وضده . كما قال تعالى ( منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون ) .
والجاحد الكفور : هو المفرط في الكفر والجحد . والجحود : الإنكار والنفي . وتقدم عند قوله تعالى ( ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) في سورة الأنعام . وعلم أن هنالك قسما ثالثا وهو الموقن بالآيات الشاكر للنعمة وأولئك هم المؤمنون قال في سورة فاطر ( فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ) وهذا الاقتصار كقول جرير : .
كانت حنيفة أثلاثا فثلثهم ... من العبيد وثلث من مواليها أي والثلث الآخر من أنفسهم .
والختار : الشديد الختر والختر : أشد الغدر .
وجملة ( وما يجحد ) إلى آخرها تذييل لأنها تعم كل جاحد سواء من جحد آية سير الفلك وهول البحر ويجحد نعمة الله عليه بالنجاة ومن يجحد غير ذلك من آيات الله ونعمه . والمعنى : ومنهم جاحد بآياتنا .
وفي الانتقال من الغيبة إلى التكلم في قوله ( بآياتنا ) التفات .
والباء في ( بآياتنا ) لتأكيد تعدية الفعل إلى المفعول مثل قوله ( وامسحوا برؤوسكم ) وقول النابعة : .
" لك الخير إن وارت بك الأرض واحدا وقوله تعالى ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) .
( يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور [ 33 ] )