وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالتقدير : ذلك المذكور من الإيلاج والتسخير ملابس لحقية إلهية الله تعالى ويكون المعطوفان معطوفين على المجرور بالياء أي ملابس لكون الله إلها حقا ولكون ما تدعون من دونه باطل الإلهية ولكون الله هو العلي الكبير . والملابسة المفادة بالباء هي ملابسة الدليل للمدلول وبذلك يستقيم النظم بدون تكلف ويزداد وقوع جملة ذلك بأن الله هو الحق إلى آخرها في موقع النتيجة وضوحا .
وضمير الفصل في قوله ( وأن الله هو العلي الكبير ) للاختصاص كما تقدم في قوله ( وإن الله هو الغني الحميد ) .
والعلي : صفة مشتقة من العلو المعنوي المجازي وهو القدسية والشرف .
والكبير : وصف مشتق من الكبر المجازي وهو عظمة الشأن . وتقدم نظير هذه الآية في سورة الحج مع زيادة ضمير الفصل في قوله ( وأن ما تدعون من دونه هو الباطل ) .
( ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور [ 31 ] وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجيناهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور [ 32 ] ) A E استئناف جاء على سنن الاستئنافين اللذين قبله في قوله ( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ) وقوله ( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ) وجيء بها غير متعاطفة لئلا يتوهم السامع أن العطف على ما تخلل منها وجاء هذا الاستئناف الثالث دليلا ثالثا على عظيم حكمة الله في نظام هذا العالم وتوفيق البشر للانتفاع بما هيأه الله لانتفاعهم به .
فلما أتى الاستئنافان الأولان على دلائل صنع الله في السماوات والأرض جاء في هذا الثالث دليل على بديع صنع الله بخلق البحر وتيسير الانتفاع به في إقامة نظام المجتمع البشري . وتخلص منه إلى اتخاذ فريق من الناس موجبات الشكلا دواعي كفر .
فكان خلق البحر على هذه الصفة العظيمة ميسرا للانتفاع بالأسفار فيه حين لا تغني طرق البر في التنقل غناء فجعله قابلا لحمل المراكب العظيمة وألهم الإنسان لصنع تلك المراكب على كيفية تحفظها من الغرق في عباب البحر وعصمهم من توالي الرياح والموج في أسفارهم وهداهم إلى الحيلة في مصانعتها إذا طرأت حتى تنجلي ولذلك وصف هذا الجري بملابسة نعمة الله فإن الناس كلما مخرت بهم الفلك في البحر كانوا ملابسين لنعمة الله عليهم بالسلامة إلا في أحوال نادرة وقد سميت هذه النعمة أمرا في قوله ( والفلك تجري في البحر بأمره ) في سورة الحج أي بتقديره ونظام خلقه .
وتقدم تفصيله في قوله ( فإذا ركبوا في الفلك ) في سورة العنكبوت وفي قوله ( هو الذي يسيركم في البر والبحر ) الآيات من سورة يونس وقوله ( ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ) في سورة الحج .
ويتعلق ( ليريكم ) ب ( تجري ) أي تجري في البحر جريا علة خلقه أن يريكم الله بعض آياته أي آياته لكم فلم يذكر متعلق الآيات لظهوره من قوله ( ليريكم ) وجري الفلك في البحر آية من آيات القدرة في بديع الصنع أن خلق ماء البحر بنظام وخلق الخشب بنظام وجعل لعقول الناس نظاما فحصل من ذلك كله إمكان سير الفلك فوق عباب البحر .
والمعنى أن جري السفن فيه حكم كثيرة مقصودة من تسخيره منها أن يكون آية للناس على وجود الصانع ووحدانيته وعلمه وقدرته .
وليس يلزم من لام التعليل انحصار الغرض من المعلل في مدخولها لأن العل جزئية لا كلية .
وجملة ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) لها موقع التعليل لجملة ( يريكم من آياته ) . ولها موقع الاستئناف البياني إذ يخطر ببال السامع أن يسأل : كيف لم يهتد المشركون بهذه الآيات فأفيد أن الذي ينتفع بدلالتها على مدلولها هو ( كل صبار شكور ) ثناء على هذا الفريق صريحا وتعريضا بالذين لم ينتفعوا بدلالتها .
واقتران الجملة بحرف ( إن ) لأنه يفيد في مثل هذا المقام معنى التعليل والتنسيب .
وجعل ذلك عدة آيات لأن في ذلك دلائل كثيرة أي الذين لا يفارقهم الوصفان