وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ [ 24 ] ) استئناف بياني لأن قوله ( إلينا مرجعهم فننبئهم بما علموا ) يثير في نفوس السامعين سؤالا عن عدم تعجيل الجزاء إليهم فبين بأن الله يمهلهم زمنا ثم يوقعهم في عذاب لا يجدون منه منجي . وهذا الاستئناف وقع معترضا بين الجمل المتعاطفة .
والتمتيع : العطاء الموقت فهو إعطاء المتاع أي الشيء القليل . و ( قليلا ) صفة لمصدر مفعول مطلق أي تمتيعا قليلا وقلته بالنسبة إلى ما أعد الله للمسلمين أو لقلة مدته في الدنيا بالنسبة إلى مدة الآخرة وتقدم عند قوله ( ومتاع إلى حين ) في الأعراف .
والاضطرار : الإلجاء وهو جعل الغير ذا ضرورة أي لزوم وتقدم عند قوله تعالى ( ثم أضطره إلى عذاب النار ) في سورة البقرة .
والغليظ : من صفات الأجسام وهو القوي الخشن وأطلق على الشديد من الأحوال على وجه الاستعارة بجامع الشدة على النفس وعدم الطاقة على احتماله . وتقدم قوله ( ونجيناهم من عذاب غليظ ) في سورة هود كما أطلق الكثير على القوي .
( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون [ 25 ] ) عطف على جملة ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ) باعتبار أن ما وجدوا عليه آباءهم هو الإشراك مع الله في الإلهية وإن سألهم سائل : من خلق السماوات والأرض يقولوا خلقهن الله وذلك تسخيف لعقولهم التي تجمع بين الإقرار لله بالخلق وبين اعتقاد إلهية غيره .
A E والمراد بالسماوات والأرض : ما يشمل ما فيها من المخلوقات ومن بين ذلك حجارة الأصنام وتقدم نظيرها في سورة العنكبوت . وعبر هنا ب ( لا يعلمون ) وفي سورة العنكبوت ب ( لا يعقلون ) تفننا في المخالفة بين القصتين مع اتحاد المعنى .
( لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد [ 26 ] ) موقع هذه الجملة من التي قبلها موقع النتيجة من الدليل في قوله ( لله ما في السماوات ) فلذلك فصلت ولم تعطف لأنها بمنزلة بدل الاستمال من التي قبلها كما تقدم آنفا في قوله ( يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) ؛ فإنه لما تقرر إقرارهم لله بخلق السماوات والأرض لزمهم إنتاج أن ما في السماوات والأرض ملك لله ومن جملة ذلك أصنامهم . والتصريح بهذه النتيجة لقصد التهاون بهم في كفرهم بأن الله يملكهم ويملك ما في السماوات والأرض فهو غني عن عبادتهم محمود من غيرهم .
وضمير ( هو ) ضمير فصل مفاده اختصاص الغني والحمد بالله تعالى وهو قصر قلب أي ليس لآلهتهم المزعومة غني ولا تستحق حمدا .
وتقدم الكلام على الغني الحميد عند قوله ( فان الله غني حميد ) أول السورة .
( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم [ 27 ] ) تكرر فيما سبق من هذه السورة وصف الله تعالى بإحاطة العلم بجميع الأشياء ظاهرة وخفية فقال فيما حكى من وصية لقمان ( إنها إن تك مثقال حبة من خردل ) إلى قوله ( لطيف خبير ) وقال بعد ذلك ( فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور ) فعقب ذلك بإثبات أن لعلم الله تعالى مظاهر يبلغ بعضها إلى من اصطفاه من رسله بالوحي مما تقتضي الحكمة إبلاغه وأنه يستأثر بعلم ما اقتضت حكمته عدم إبلاغه وأنه لو شاء أن يبلغ ما في علمه لما وفت به مخلوقاته الصالحة لتسجيل كلامه بالكناية فضلا على الوفاء بإبلاغ ذلك بواسطة القول . وقد سلك في هذا مسلك التقريب بصرب هذا المثل ؛ وقد كان ما قص من أخبار الماضين موطئا لهذا فقد جرت قصة لقمان في هذه السورة كما جرت قصة أهل الكهف وذي القرنين في سورة الكهف فعقبتا بقوله في آخر السورة ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) وهي مشابهة للآية التي في سورة لقمان . فهذا وجه اتصال هذه الآية بما قبلها من الآيات المتفرقة