وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وكذلك قوله ( ولا تمشي في الأرض مرحا ) تمثيل كنائي عن النهي عن التكبر والتفاخر لا عن خصوص المشي في حال المرح فيشمل الفخر عليهم بالكلام وغيره .
والمرح : فرط النشاط من فرح وازدهاء ويظهر ذلك في المشي تبخترا واختيالا فلذلك يسمى ذلك المشي مرحا كما في الآية فانتصابه على الصفة لمفعول مطلق أي مشيا مرحا وتقدم في سورة الإسراء . وموقع قوله ( في الأرض ) بعد ( لا تمش ) مع أن المشي لا يكون إلا في الأرض هو الإيماء إلى أن المشي في مكان يمشي فيه الناس كلهم قويهم وضعيفهم ففي ذلك موعظة للماشي مرحا أنه مساو لسائر الناس .
وموقع ( إن الله لا يحب كل مخال فخور ) موقع ( إن الله لطيف خبير ) كما تقدم . والمختال : اسم فاعل من اختال بوزن الافتعال من فعل خال إذا كان ذا خيلاء فهو خائل . والخيلاء : الكبر والازدهار فصيغة الافتعال فيه للمبالغة في الوصف فوزن المختال مختيل فلما تحرك حرف العلة وانفتح ما قبله قلب ألفا فقوله ( إن الله لا يحب كل مختال ) مقابل قوله ( ولا تصاغر خدك للناس ) وقوله ( فخور ) مقابل قوله ( ولا تمش في الأرض مرحا ) .
والفخور : شديد الفخر . وتقدم في قوله ( إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) في سورة النساء .
ومعنى ( إن الله لا يحب كل مختال فخور ) أن الله لا يرضى عن أحد من المختالين الفخورين ولا يخطر ببال أهل الاستعمال أن يكون مفادة أن الله لا يحب مجموع المختالين الفخورين إذا اجتمعوا بناء على ما ذكره عبد القاهر من أن ( كل ) إذا وقع في حيز النفي مؤخرا عن أداته ينصب النفي على الشمول فإن ذلك إنما هو في ( كل ) التي يراد منها تأكيد الإحاطة لا في " كل " التي يراد منها الأفراد والتعويل في ذلك على القرائن . على أنا نرى ما ذكره الشيخ أمر أغلبي غير مطرد في استعمال أهل اللسان ولذلك نرى صحة الرفع والنصب في لفظ " كل " في قول أبي النجم العجلي : .
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... علي ذنبا كله لم أصنع A E وقد بينت ذلك في تعليقاتي على دلائل الإعجاز .
وموقع جملة ( إن الله لا يحب كل مختل فخور ) يجوز فيه ما مضى في جملة ( إن الشرك لظلم عظيم ) وجملة ( إن الله لطيف خبير ) وجملة ( إن ذلك من عزم الأمور ) .
( واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير [ 19 ] ) بعد أن بين له آداب حسن المعاملة مع الناس قفاها بحسن الآداب في حالته الخاصة وتلك حالتا المشي والتكلم وهما أظهر ما يلوح على المرء من آدابه .
والقصد : الوسط العدل بين طرفين فالقصد في المشي هو أن يكون بين طرف التبختر وطرف الدبيب ويقال : قصد في مشيه . فمعنى ( أقصد في مشيك ) ارتكب القصد .
والغض : نقص قوة استعمال الشيء . يقال : غض بصره إذا خفض نظره فلم يحدق . وتقدم قوله تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) في سورة النور . فغض الصوت : جعله دون الجهر .
وجيء ب ( من ) الدالة على التبعيض لإفادة أنه بغض بعضه أي بعض جهره أي ينقص من جهورته ولكنه لا يبلغ به إلى التخافت والسرار .
وجملة ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) تعليل علل به الأمر بالغض من صوته باعتبارها متضمنة تشبيها بليغا أي لأن صوت الحمير أنكر الأصوات . ورفع الصوت في الكلام يشبه نهيق الحمير فله حظ من النكارة .
و ( أنكر ) : اسم تفضيل في كون الصوت منكورا فهو تفضيل مشتق من الفعل المبني للمجهول ومثله سماعي وغير شاذ ومنه قولهم في المثل ( أشغل من ذات النحيين ) أي أشد مشغولية من المرأة التي أريدت في هذا المثل .
وإنما جمع ( الحمير ) في نظم القرآن مع أن ( صوت ) مفردا ولم يقل الحمار لأن المعرف بلام الجنس يستوي مفرده وجمعه . ولذلك يقال : إن لام الجنس إذا دخلت على جمع أبطلت منه معنى الجمعية . وإنما أوثر لفظ الجمع لأن كلمة الحمير أسعد بالفواصل لأن من محاسن الفواصل والأسجاع أن تجري على أحكام القوافي والقافية المؤسسة بالواو أو الياء لا يجوز أن يرد معها ألف تأسيس فإن الفواصل المتقدمة من قوله ( ولقد آتينا لقمان الحكمة ) هي : حميد عظيم المصير خبير الأمور فخور الحمير وفواصل القرآن تعتمد كثيرا على الحركات والمدود والصيغ دون تماثل الحروف وبذلك تخالف قوافي القصائد