وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واللطيف : من يعلم دقائق الأشياء ويسلك في إيصالها إلى من تصلح به مسلك الرفق فهو وصف مؤذن بالعلم والقدرة الكاملين أي يعلم ويقدر وينفذ قدرته وتقدم في قوله ( وهو اللطيف الخبير ) في الأنعام .
ففي تعقيب ( يأت بها الله ) بوصفه ب ( اللطيف ) إيماء إلى أن التمكن منها وامتلاكها بكيفية حقيقة تناسب قلق الصخرة واستخراج الخردلة منها مع سلامتها وسلامة ما اتصل بهما من اختلال نظام صنعه . وهنا قد استوفى أصول الاعتقاد الصحيح .
( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور [ 17 ] ) انتقل من تعليمه أصول العقيدة إلى تعليمه أصول الأعمال الصالحة فابتدأها بإقامة الصلاة والصلاة التوجه إلى الله بالخضوع والتسبيح والدعاء في أوقات معينة في الشريعة التي يدين بها لقمان والصلاة عماد الأعمال لاشتمالها على الاعتراف بطاعة الله وطلب الاهتداء للعمل الصالح .
وإقامة الصلاة إدامتها والمحافظة على أدائها في أوقاتها . وتقدم في أول سورة البقرة .
وشمل الأمر بالمعروف الإتيان بالأعمال الصالحة كلها على وجه الإجمال ليتطلب بيانه في تضاعيف وصايا أبيه كما شمل النهي عن المنكر اجتناب الأعمال السيئة كذلك .
والأمر بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يقتضي إتيان الأمر وانتهاءه في نفسه لأن الذي يأمر بفعل الخير وينهى عن فعل الشر يعلم ما في الأعمال من خير وشر ومصالح ومفاسد فلا جرم أن يتوقاها في نفسه بالأولوية من أمره الناس ونهيه إياهم .
فهذه كلمة جامعة من الحكمة والتقوى إذ جمع لابنه الإرشاد إلى فعله الخير وبثه في الناس وكفه عن الشر وزجره الناس عن ارتكابه ثم أعقب ذلك بأن أمره بالصبر على ما يصيبه .
A E ووجه تعقيب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بملازمة الصبر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يجران للقائم بهما معاداة من بعض الناس أو أذى من بعض فإذا لم يصبر على ما يصيبه من جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو شك أن يتركهما .
ولما كانت فائدة الصبر عائدة على الصابر بالأجر العظيم عد الصبر هنا في عداد الأعمال القاصرة على صاحبها ولم يلتفت إلى ما في تحمل أذى الناس من حسن المعاملة معهم حتى يذكر الصبر مع قوله ( ولا تصاعر خدك للناس ) لأن ذلك ليس هو المقصود الأول من الأمر بالصبر .
والصبر : هو تحمل ما يحل بالمرء مما يؤلم أو يحزن . وقد تقدم في قوله تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) في سورة البقرة .
وجملة ( إن ذلك من عزم الأمور ) موقعها كموقع جملة ( إن الشرك لظلم عظيم ) .
وجملة ( إن الله لطيف خبير ) يجوز أن تكون من كلام لقمان وأن تكون معترضة من كلام الله تعالى .
والإشارة ب ( ذلك ) إلى المذكور من إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما أصاب . والتأكيد للاهتمام .
والعزم مصدر بمعنى : الجزم والإلزام . والعزيمة : الإرادة التي لا تردد فيها .
و ( عزم ) مصدر بمعنى المفعول أي من معزوم الأمور أي التي عزمها الله وأوجبها .
( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور [ 18 ] ) انتقل لقمان بابنه إلى الآداب في معاملة الناس فنهاه عن احتقار الناس وعن التفخر عليهم وهذا يقتضي أمره بإظهار مساواته مع الناس وعد نفسه كواحد منهم .
وقرأ الجمهور ( ولا تصاعر ) . وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم وأبو جعفر ويعقوب ( ولا تصعر ) . يقال : صاعر وصعر إذا أمال عنقه إلى جانب ليعرض عن جانب آخر وهو مشتق من الصغر بالتحريك لداء يصيب البعير فيلوي منه عنقه فكأنه صيغ له صيغة تكلف بمعنى تكلف إظهار الصعر وهو تمثيل للاحتقار لأن مصاعرة الخد هيئة المحتقر المستخف في غالب الأحوال . قال عمرو بن حني التغلبي يخاطب بعض ملوكهم : .
وكنا إذا الجبار صعر خده ... أقمنا له من ميله فتقومش والمعنى : لا تحتقر الناس فالنهي عن الإعراض عنهم احتقارا لهم لا عن خصوص مصاعرة الخد فيشمل الاحتقار بالقول والشتم وغير ذلك فهو قريب من قوله تعالى ( فلا تقل لهما أف ) إلا أن هذا تمثيل كنائي والآخر كناية لا تمثيل فيها