وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولقمان : اسم علم مادته مادة عربية مشتق من اللقم . والأظهر أن العرب عربوه بلفظ قريب من ألفاظ لغتهم على عادتهم كما عربوا شاول باسم طالوت وهو ممنوع من الصرف لزيادة الألف والنون لا للعجمة .
وتقدم تعريف الحكمة عند قوله تعالى ( يؤتي الحكمة من يشاء ) في سورة البقرة وقوله ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة ) في سورة النحل .
و ( أن ) في قوله ( أن اشكر لله ) تفسيرية وليست تفسيرا لفعل ( آتينا ) لأنه نصب مفعوله وهو الحكمة فتكون ( أن ) مفسرة للحكمة باعتبار أن الحكمة هنا أقوال أوحيت إليه أو ألهمها فيكون في الحكمة معنى القول دون حروفه فيصلح أن تفسر ب ( أن ) التفسيرية كما فسرت حاجة في قول الشاعر الذي لم يعرف " وهو من شواهد العربية " : .
إن تحملا حاجة لي خف محملها ... تستوجبا منة عندي بها ويدا .
أن تقرءان علي أسماء ويحكما ... مني السلام وأن لا تخبرا أحدا والصوفية وحكماء الإشراق يرون خواطر الأصفياء حجة ويسمونها إلهاما .
ومال إليه جم من علمائنا . وقد قال قطب الدين الشبرازي في ديباجة شرحه على المفتاح " أما بعد إني قد ألقي إلي على سبيل الإنذار من حضرة الملك الجبار بلسان الإلهام إلا كوهم من الأوهام ما أورثني التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار السرور " الخ .
وكان أول ما لقنه لقمان من الحكمة هو الحكمة في نفسه بأن أمره الله يشكره على ما هو محفوف به من نعم الله التي منها نعمة الاصطفاء لإعطائه الحكمة وإعداده لذلك بقابليته لها . وهذا رأس الحكمة لتضمنه النظر في دلائل نفسه وحقيقته قبل النظر في حقائق الأشياء وقبل التصدي لإرشاد غيره وأن أهم النظر في حقيقته هو الشعور بوجوده على حالة كاملة والشعور بموجده ومفيض الكمال عليه وذلك كله مقتض لشكر موجده على ذلك .
وأيضا فإن شكر الله من الحكمة إذ الحكمة تدعو إلى معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه لقصد العمل بمقتضى العلم فالحكيم يبث في الناس تلك الحقائق على حسب قابلياتهم بطريقة التشريع تارة والموعظة أخرى والتعليم لقابليه مع حملهم على العمل بما علموه من ذلك وذلك العمل من الشكر إذ الشكر قد عرف بأنه صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من مواهب ونعم فيما خلق لأجله فكان شكر الله هو الأهم في الأعمال المستقيمة فلذلك كان رأس الحكمة لأن من الحكمة تقديم العلم بالأنفع على العلم بما هو دونه فالشكر هو مبدأ الكمالات علما وغايتها عملا .
وللتنبيه على هذا المعنى أعقب الله الشكر المأمور به ببيان أن فائدته لنفس الشاكر لا للمشكور بقوله ( ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ) لأن آثار شكر الله كمالات حاصلة للشاكر ولا تنفع المشكور شيئا لغناه سبحانه عن شكر الشاكرين ولذلك جيء به في صورة الشرط لتحقيق التعلق بين مضمون الشرط ومضمون الجزاء فإن الشرط أدل على ذلك من الإخبار .
A E وجيء بصيغة حصر نفع الشكر في الثبوت للشاكر بقوله ( فإنما يشكر لنفسه ) أي ما يشكر إلا لفائدة نفسه ولام التعليل مؤذنة بالفائدة . وزيد ذلك تبينا بعطف ضده بقوله ( ومن كفر فإن الله غني حميد ) لإفادة أن الإعراض عن الشكر بعد استشعاره كفر للنعمة وأن الله غني عن شكره بخلاف شأن المخلوقات إذ يكسبهم الشكر فوائد بين بني جنسهم تجر إليهم منافع الطاعة أو الإعانة أو الإغناء أو غير ذلك من فوائد الشكر للمشكورين على تفاوت مقاماتهم والله غني عن جميع ذلك وهو حميد أي كثير المحمودية بلسان حال الكائنات كلها حتى حال الكافر به كما قال تعالى ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) .
ومن بلاغة القرآن وبديع إيجازه أن كان قوله ( أن اشكر لله ) جامعا لمبدأ الحكمة التي أوتيها لقمان ولأمره بالشكر على ذلك فقد جمع قوله ( أن أشكر لله ) الإرشاد إلى الشكر مع الشروع في الأمر المشكور عليه تنبيها على المبادرة بالشكر عند حصول النعمة .
وإنما قوبل الإعراض عن الشكر بوصف الله بأنه حميد لأن الحمد والشكر متقاربان وفي الحديث " الحمد رأس الشكر " فلما لم يكن في أسماء الله تعالى اسم من مادة الشكر إلا اسمه الشكور وهو بمعنى شاكر أي شاكر لعباده عبادتهم إياه عبر هنا باسمه ( حميد ) .
وجيء في فعل ( يشكر ) بصيغة المضارع للإيماء إلى جدارة الشكر بالتجديد