وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإشارة ب ( تلك ) إلى ما سيذكر في هذه السورة فالمشار إليه مقدر في الذهن مترقب الذكر على ما تقدم في قوله ( ذلك الكتاب ) في أول البقرة وفي أول سورة الشعراء والنمل والقصص .
و ( آيات الكتاب ) خبر عن اسم الإشارة . وفي الإشارة تنبيه على تعظيم قدر تلك الآيات بما دل عليه اسم الإشارة من البعد المستعمل في رفعة القدر وبما دلت عليه إضافة الآيات إلى الكتاب الموصوف بأنه الحكيم وأنه هدى ورحمة وسبب وفلاح .
والحكيم : وصف للكتاب بمعنى ذي الحكمة أي لاشتماله على الحكمة . فوصف ( الكتاب ) ب ( الحكيم ) كوصف الرجل بالحكيم ولذلك قيل : إن الحكيم استعارة مكنية أو بعبارة أرشق تشبيه بليغ بالرجل الحكيم .
ويجوز أن يكون الحكيم بمعنى المحكم بصيغة اسم المفعول وصفا على غير قياس كقولهم : عسل عقيد لأنه أحكم وأتقن فبيس فيه فضول ولا ما لا يفيد كمالا نفسانيا .
وفي وصف ( الكتاب ) بهذا الوصف براعة استهلال للغرض من ذكر حكمة لقمان . وتقدم وصف الكتاب ب ( الحكيم ) في أول سورة يونس .
وانتصب ( هدى ورحمة ) على الحال من ( الكتاب ) وهي قراءة الجمهور . وإذا كان ( الكتاب ) مضافا إليه فمسوغ مجيء الحال من المضاف إليه أن ( الكتاب ) أضيف إليه ما هو اسم جزئه أو على أنه حال من آيات . والعامل في الحال ما في اسم الإشارة من معنى الفعل .
وقرأه حمزة وحده برفع ( رحمة ) على جعل ( هدى ) خبرا ثانيا عن اسم الإشارة .
ومعنى المحسنين : الفاعلون للحسنات وأعلاها الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولذلك خصت هذه الثلاث بالذكر بعد إطلاق المحسنين لأنها أفضل الحسنات وإن كان المحسنون يأتون بها وبغيرها .
وزيادة وصف الكتاب ب ( رحمة ) بعد ( هدى ) لأنه لما كان المقصد من هذه السورة قصة لقمان نبه على أن ذكر القصة رحمة لما تتضمنه من الآداب والحكمة لأن في ذلك زيادة على الهدى أنه تخلق بالحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا والخبر الكثير : رحمة من الله تعالى .
والزكاة هنا الصدقة وكانت موكولة إلى همم المسلمين غير مضبوطة بوقت ولا بمقدار . وتقدم الكلام على ( وهم بالآخرة هم يوقنون ) إلى ( هم المفلحون ) في أول سورة البقرة .
( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزؤا أولئك لهم عذاب مهين [ 6 ] وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم [ 7 ] ) A E عطف على جملة ( تلك آيات الكتاب الحكيم ) . والمعنى : أن حال الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين وأن من الناس معرضين عنه يؤثرون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله الذي يهدي إليه الكتاب . وهذا من مقابلة الثناء على آيات الكتاب الحكيم بضد ذلك في ذم ما يأتي به بعض الناس وهذا تخلص من المقدمة إلى مدخل للمقصود وهو تفظيع ما يدعوا إليه النضر بن الحارث ومشايعوه من اللهو بأخبار الملوك التي لا تكسب صاحبها كمالا ولا حكمة .
وتقديم المسند في قوله ( ومن الناس ) للتشويق إلى تلقي خبرة العجيب .
والاشتراء كناية عن العناية بالشيء والاغتباط به وليس هنا استعارة بخلاف قوله ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) في سورة البقرة ؛ فالاشتراء هنا مستعمل في صريحه وكناية : فالصريح تشويه لاقتناء النضر بن الحارث قصص رستم واسفنديار وبهرام والكناية تقبيح للذين التفوا حوله وتلقوا أخباره أي من الناس من يشغله لهو الحديث والولع به عن الاهتداء بآيات الكتاب الحكيم .
واللهو : ما يقصد منه تشغيل البال وتقصير طول وقت البطالة دون نفع لأنه إذا كانت في ذلك منفعة لم يكن المقصود منه اللهو بل تلك المنفعة . و ( لهو الحديث ) ما كان من الحديث مرادا للهو فإضافة ( لهو ) إلى ( الحديث ) على معنى " من " التبعيضية على رأي بعض النحاة وبعضهم لا يثبت الإضافة على معنى " من " التبعيضية فيردها إلى معنى اللام .
وتقدم اللهو في قوله ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ) في سورة الأنعام