وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأفرد ضمير ( كفره ) رعيا للفظ ( من ) . وهذا التركيب من جوامع الكلم لدلالته على ما لا يحصى من المضار في الكفر على الكافر وأنه لا يضر غيره مع تمام الإيجاز وهو وعيد لأنه في معنى : من كفر فجزاؤه عقاب الله فاكتفي عن التصريح بذلك اكتفاء بدلالة ( على ) من قوله ( فعليه كفره ) وبمقابلة حالهم بحال من عمل صالحا بقوله ( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله ) .
وأما قوله ( ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ) فهو بيان أيضا لما في جملة ( فأقم وجهك للدين القيم ) من الأمر بملازمة التحلي بالإسلام وما في ذلك من الخير العاجل والآجل مع ما تقتضيه عادة القرآن من تعقيب النذارة بالبشارة والترهيب بالترغيب فهو كالتكملة للبيان .
وإنما قوبل ( من كفر ) ب ( من عمل صالحا ) ولم يقابل ب ( من آمن ) للتنويه بشأن المؤمنين بأنهم أهل الأعمال الصالحة دون الكافرين . فاستغني بذكر العمل الصالح عن ذكر الإيمان لأنه يتضمنه ولتحريض المؤمنين على الأعمال الصالحة لئلا يتكلوا على الإيمان وحده فتفوتهم النجاة التامة . وهذا اصطلاح القرآن في الغالب أن يقرن الإيمان بالعمل الصالح كما في قوله قبل هذه الآية ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون ) حتى توهمت المعتزلة والخوارج أن العمل الصالح شرط في قبول الإيمان .
وتقديم ( فلأنفسهم ) على ( يمهدون ) للاهتمام بهذا الاستحقاق وللرعاية على الفاصلة وليس للاختصاص .
( ويمهدون ) يجعلون مهادا والمهاد : الفراش . مثلت حالة المؤمنين في عملهم الصالح بحال من يتطلب راحة رقاده فيوطئ فراشه ويسويه لئلا يتعرض له في مضجعه من النتوء أو اليبس ما يستفز منامه .
وتقديم ( لأنفسهم ) على ( يمهدون ) للرعاية على الفاصلة مع الاهتمام بذكر أنفس المؤمنين لأن قرينة عدم الاختصاص واضحة .
وروعي في جمع ضمير ( يمهدون ) معنى " من " دون لفظها مع ما تقتضيه الفاصلة من ترجيح تلك المراعاة .
ويتعلق ( ليجزي الذين آمنوا ) ب ( يمهدون ) أي يمهدون لعلة أن يجزي الله إياهم من فضله . وعدل عن الإضمار إلى الإظهار في قوله ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) للاهتمام بالتصريح بأنهم أصحاب صلة الإيمان والعمل الصالح وأن جزاء الله إياهم مناسب لذلك لتقرير ذلك في الأذهان مع التنويه بوصفهم ذلك بتكريره وتقريره كما أنبأ عن ذلك قوله عقبه ( إنه لا يحب الكافرين ) .
وقد فهم من قوله ( من فضله ) أن الله يجازيهم أضعافا لرضاه عنهم ومحبته إياهم كما اقتضاه تعليل ذلك بجملة ( إنه لا يحب الكافرين ) المقتضي أنه يحب الذين آمنوا وعملوا الصالحات فحصل بقوله ( إنه لا يحب الكافرين ) تقرير بعد تقرير على الطرد والعكس فإن قوله ( ليجزي الذين آمنوا ) دل بصريحه على أنهم أهل الجزاء بالفضل ودل بمفهومه على أنهم أهل الولاية .
وقوله ( إنه لا يحب الكافرين ) يدل يتعليله لما قبله على أن الكافرين محرومون من الفضل وبمفهومه على أن الجزاء موفور للمؤمنين فضلا وأن العقاب معين للكافرين عدلا .
( ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون [ 46 ] ) A E عود إلى تعداد الآيات الدالة على تفرده بالإلهية فهو عطف على جملة ( من آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) وما تخلل بينهما من أفانين الاستدلال على الوحدانية والبعث ومن طرائق الموعظة لتطرية نشاط السامعين لهذه الدلائل الموضحة المبينة .
والإرسال مستعار لتقدير الوصول أي يقدر تكوين الرياح ونظامها الذي يوجهها إلى بلد محتاج المطر .
والمبشرات : المؤذنة بالخير وهو المطر . وأصل البشارة : الخبر السار . شبهت الرياح برسل موجهة بأخبار المسرة . وتقدم ذكر البشارة عند قوله تعالى ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) في سورة البقرة وقوله ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ) في سورة النحل وذلك أن الرياح تسوق سحاب المطر إلى حيث بمطر .
وتقدم الكلام على الرياح في آيات كثيرة منها قوله تعالى ( وتصريف الرياح ) في سورة البقرة وعلى كونها لواقح في سورة الحجر