وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( كان أكثرهم مشركين ) واقعة موقع التعليل لجملة ( كيف كان عاقبة الذين من قبل ) أي سبب تلك العاقبة المنظورة هو إشراك الأكثرين منهم أي أن أكثر تلك الأمم التي شوهدت عاقبتها الفظيعة كان من أهل الشرك فتعلمون أن سبب حلول تلك لعاقبة بهم هو شركهم وبعض تلك الأمم لم يكونوا مشركين وإنما أصابهم ما أصابهم لتكذيبهم رسلهم مثل أهل مدين قال تعالى ( أكفاركم خير من أولئكم ) .
( فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون [ 43 ] ) تفرع على الإنذار والتحذير من عواقب الشرك تثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم على شريعته ووعد بأن يأتيه النصر كقوله ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) مع التعريض بالإرشاد إلى الخلاص من الشرك باتباع الدين القيم أي الحق . وهذا تأكيد للأمر بإقامة الوجه للدين في قوله ( فأقم وجهك للدين حنيفا ) فإن ذلك لما فرع في قوله ( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) وما اتصل من تسلسل الحجج والمواعظ فرع أيضا نظيره هذا على قوله ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ) وقد تقدم الكلام على نظير قوله ( فأقم وجهك للدين ) وعلى معنى إقامة الوجه عند قوله ( فأقم وجهك للدين حنيفا ) .
و ( القيم ) بوزن فيعل وهي زنة تدل على قوة ما تصاغ منه أي الشديد القيام والقيام هنا مجاز في الإصابة لأن الصواب يشبه بالقيام وضده يشبه بالعوج وقد جمعهما قوله تعالى ( ولم يجعل له عوجا قيما ) فوصف الإسلام في الآية السابقة بالحنيف والفطرة ووصف هنا بالقيم . وبين ( أقم ) و ( القيم ) محسن الجناس .
والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر إعراض عن صريح خطاب المشركين . والمقصود التعريض بأنهم حرموا أنفسهم من اتباع هذا الدين العظيم الذي فيه النجاة . يؤخذ هذا التعريض من أمر النبي E بالدوام على الإسلام ومن قوله عقب ذلك ( يومئذ يصدعون ) الآية .
والمرد : مصدر ميمي من الرد وهو الدفع و ( له ) يتعلق به و ( من الله ) متعلق ب ( يأتي ) و ( من ) ابتدائية . والمراد باليوم يوم عذاب في الدنيا وأنه إذا جاء لا يرده عن المجازين به راد لأنه آت من الله . والظاهر أن المراد به يوم بدر .
و ( يصدعون ) أصله يتصدعون فقلبت التاء صادا لتقارب مخرجيهما لتأتي التخفيف بالإدغام . والتصدع : مطاوع الصدع وحقيقة الصدع : الكسر والشق ومنه تصدع القدح .
والمراد باليوم يوم الحشر . والتصدع : التفرق والتمايز . ويكون ضمير الجمع عائدا إلى جميع الناس أي يومئذ يفترق المؤمنون من الكافرين على نحو قوله تعالى ( وبوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك في العذاب محضرون ) .
( من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون [ 44 ] ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين [ 45 ] ) A E هذه الجملة تتنزل منزلة البيان لإجمال الجملة التي قبلها وهي ( فأقم وجهك للدين القيم ) إذ التثبيت على الدين بعد ذكر ما أصاب المشركين من الفساد بسبب شركهم يتضمن تحقير شأنهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فبين ذلك بأنهم لا يضرون بكفرهم إلا أنفسهم والذي يكشف هذا المعنى تقديم المسند في قوله ( فعليه كفره ) فإنه يفيد تخصيصه بالمسند إليه أي فكفره عليه لا عليك ولا على المؤمنين ولهذا ابتدئ بذكر حال من كفر ثم ذكر بعده ( من عمل صالحا ) . واقتضى حرف الاستعلاء أن في الكفر تبعة وشدة وضرا على الكافر لأن ( على ) تقتضي ذلك في مثل هذا المقام كما اقتضى اللام في قوله ( فلأنفسهم يمهدون ) أن لمجرورها نفعا وغنما ومنه قوله تعالى ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) . وقال توبة بن الحمير : .
وقد زعمت ليلى بأني فاجر ... لنفسي تقاها أو عليها فجورها