وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأياما كان الفساد من معهود أو شامل فالمقصود أن حلوله بالناس بقدرة الله كما دل عليه قوله ( ليذيقهم بعض الذي عملوا ) وأن الله يقدر أسبابه تقديرا خاصا ليجازي من يغضب عليهم على سوء أفعالهم .
وهو المراد بما كسبت أيديهم لأن إسناد الكسب إلى الأيدي جرى مجرى المثل في فعل الشر والسوء من الأعمال كلها دون خصوص ما يعمل منها بالأيدي لأن ما يكسبه الناس يكون بالجوارح الظاهرة كلها وبالحواس الباطنة من العقائد الضالة والأدواء النفسية .
و ( ما ) موصولة وحذف العائد من الصلة وتقديره : بما كسبته أيدي الناس أي بسبب أعمالهم . وأعظم ما كسبته أيدي الناس من الأعمال السيئة الإشراك وهو المقصود هنا وإن كان الحكم عاما . ويعلم أن مراتب ظهور الفساد حاصلة على مقادير ما كسبت أيدي الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل : أي الذنب أعظم ؟ " أن تدعو لله ندا وهو خلقك " وقال تعالى ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) وقال ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ) .
ويجري حكم تعريف ( الناس ) على نحو ما يجري في تعريف ( الفساد ) من عهد أو عموم فالمعهود هم المشركون وقد شاع في القرآن تغليب اسم ( الناس ) عليهم .
والإذاقة : استعارة مكنية ؛ شبه ما يصيبهم من الآلام فيحسون بها بإصابة الطعام حاسة المطعم .
ولما كان ما عملوه لا يصيبهم بعينه تعين أن بعض الذي عملوا أطلق على جزاء العمل ولذلك فالبعضية تبعيض للجزاء فالمراد بعض الجزاء على جميع العمل لا الجزاء على بعض العمل أي أن ما يذيقهم من العذاب هو بعض ما يستحقونه .
وفي هذا تهديد إن لم يقلعوا عن مساوئ أعمالهم كقوله تعالى ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ) ثم وراء ذلك عذاب الآخرة كما قال تعالى ( ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) .
والعدول عن أن يقال : بعض أعمالهم إلى ( بعض الذي عملوا ) للإيماء إلى ما في الموصول من قوة التعريف أي أعمالهم المعروفة عندهم المتقرر صدروها منهم .
والرجاء المستفاد من ( لعل ) يشير إلى أن ما ظهر من فساد كاف لإقلاعهم عما هم اكتسبوه وأن حالهم حال من يرجى رجوعه فإن هم لم يرجعوا فقد تبين تمردهم وعدم إجداء الموعظة فيهم وهذا كقوله تعالى ( او لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ) .
والرجوع مستعار للإقلاع عن المعاصي كأن الذي عصى ربه عبد أبق عن سيده أو دابة قد أبدت ثم رجع . وفي الحديث " لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال : أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا دابته عنده " .
وقرأ الجمهور ( ليذيقهم ) بالياء التحتية أي ليذيقهم الله . ومعاد الضمير قوله ( الله الذي خلقكم ) . وقرأه قنبل عن ابن كثير وروح عن عاصم بنون العظمة .
A E ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين [ 42 ] ) لما وعظهم بما أصابهم من فساد الأحوال ونبههم إلى أنها بعض الجزاء على ما كسبت أيديهم عرض لهم بالإنذار بفساد أعظم قد يحل بهم مثله وهو ما أصاب الذين من قبلهم بسبب ما كانوا عليه من نظير حال هؤلاء في الإشراك فأمرهم بالسير في الأرض والنظر في مصير الأمم التي أشركت وكذبت مثل عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم لأن كثيرا من المشركين قد اجتازوا في أسفارهم بديار تلك الأمم كما قال تعالى ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ) .
فهذا تكرير وتأكيد لقوله السابق ( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) وإنما أعيد اهتماما بهذه العبرة مع مناسبة قوله ( ليذيقهم بعض الذي عملوا ) .
والعاقبة : نهاية الأمر . والمراد بالعاقبة الجنس وهو متعدد الأفراد بتعدد الذين من قبل ولكل قوم عاقبة