وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ووقع الحق مجملا والحوالة في بيانه على ما هو متعارف بين الناس وعلى ما يبينه النبي صلى الله عليه وسلم . وكانت الصدقة قبل الهجرة واجبة على الجملة موكولة إلى حرص المؤمن . وقد أطلق عليها اسم الزكاة في آيات مكية كثيرة وقرنت بالصلاة ؛ فالمراد بها في تلك الآيات الصدقة الواجبة وكانت غير مضبوطة بنصب ثم ضبطت بأصناف ونصب ومقادبر مخرجة عنها . قال أبو بكر الصديق Bه " فإن الزكاة حق المال " . وإنما ضبطت بعد الهجرة فصار ما عداها من الصدقة غير واجب . وقصر اسم الزكاة على الواجبة وأطلق على ما عداها اسم الصدقة أو البر أو نحو ذلك فجماع حق هؤلاء الثلاثة المواساة بالمال فدل على أن ذلك واجب لهم . وكان هذا في صدر الإسلام ثم نسخ بفرض الزكاة ثم إن لكل صنف من هؤلاء الثلاثة حقا ؛ فحق ذي القربى يختلف بحسب حاجته ؛ فللغني حقه في الإهداء توددا وللمحتاج حق أقوى . والظاهر أن المراد ذو القرابة الضعيف المال الذي لم يبلغ به ضعفه مبلغ المسكنة بقرينة التعبير عنه بالحق وبقرينة مقابلته بقوله ( لتربوا في أموال الناس ) على أحد الاحتمالات في تفسيره . وأما إعطاء القريب الغني فلعله غير مراد هنا وليس مما يشمله لفظ ( حقه ) وإنما يدخل في حسن المعاملة المرغب فيها .
وحق المسكين : سد خلته . وحق ابن السبيل : الضيافة كما في الحديث " جائزته يوم وليلة " والمقصود إبطال عادة أهل الجاهلية إذ كانوا يؤثرون البعيد على القريب في الإهداء والإيصاء حبا للمدحة ويؤثرون بعطاياهم السادة وأهل السمعة تقربا إليهم فأمر المسلمون أن يتجنبوا ذلك قال تعالى ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ) كما تقدم في سورة البقرة .
ولذلك عقب بقوله هنا ( ذلك خير للذين يريدون وجه الله ) أي الذين يتوخون بعطاياهم إرضاء الله وتحصيل ثوابه وهم المؤمنون .
والإشارة بقوله ( ذلك خير ) إلى الإيتاء المأخوذ من قوله ( فئات ذات القربى حقه ) الآية .
وذكر الوجه هنا تمثيل كأن المعطي أعطى المال بمرأى من الله لأن الوجه هو محل النظر . وفيه أيضا مشاكلة تقديرية لأن هذا الأمر أريد به مقابلة ما كان يفعله أهل الجاهلية من الإعطاء لوجه المعطى من أهل الوجاهة في القوم فجعل هنا الإعطاء لوجه الله . والمراد : أنه لامتثال أمره وتحصيل رضاه .
واسم الإشارة في قوله ( ذلك خير ) للتنويه بالمأمور به . و ( خير ) يجوز أن يكون تفضيلا والمفضل عليه مفهوم من السياق أن ذلك خير من صنيع أهل الجاهلية الذين يعطون الأغنياء البعداء للرياء والسمعة أو المراد ذلك خير من بذل المال في المراباة التي تذكر بعد في قوله ( وما آتيتم من ربا ) الآية .
ويجوز أن يكون الخير ما قابل الشر أي ذلك فيه خير للمؤمنين وهو ثواب الله .
وفي قوله ( وأولئك هم المفلحون ) صيغة قصر من أجل ضمير الفصل وهو قصر إضافي أي أولئك المتفردون بالفلاح وهو نجاح عملهم في إيتاء من ذكر لوجه الله تعالى لا للرياء والفخر . فمن آتى للرياء والفخر فلا فلاح له من إيتائه .
A E ( وما آتيتم من ربا لتربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون [ 39 ] ) لما جرى الترغيب والأمر ببذل المال لذوي الحاجة وصلة الرحم وما في ذلك من الفلاح أعقب بالتزهيد في ضرب آخر من إعطاء المال لا يرضى الله تعالى به وكان الربا فاشيا في زمن الجاهلية وصدر الإسلام وخاصة في ثقيف وقريش . فلما أرشد الله المسلمين إلى مواساة أغنيائهم فقراءهم أتبع ذلك بتهيئة نفوسهم للكف عن المعاملة بالربا للمقترضين منهم فإن المعاملة بالربا تنافي المواساة لأن شأن المقترض أنه ذو خلة وشأن المقرض أنه ذو جدة فمعاملته المقترض منه بالربا افتراص لحاجته واستغلال لاضطراره وذلك لا يليق بالمؤمنين .
و ( ما ) شرطية تفيد العموم فالجملة معترضة بعد جملة ( فئات ذا القربى حقه ) الخ . والواو اعتراضية . ومضمون هذه الجملة بمنزلة الاستدراك للتنبيه على إيتاء مال هو ذميم . وجيء بالجملة شرطية لأنها أنسب بمعنى الاستدراك على الكلام السابق . فالخطاب للمسلمين الذين يريدون وجه الله الذين كانوا يقرضون بالربا قبل تحريمه