وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه " وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم " أي غير مشركين " وأنهم أتتهم الشياطين فأجالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا " الحديث .
وجملة ( لا تبديل لخلق الله ) مبينة لمعنى " فطرة الله التي فطر الناس عليها " فهي جارية مجرى حال ثالثة من ( الدين ) على تقدير رابط محذوف . والتقدير : لا تبديل لخلق الله فيه أي في هذا الدين فهو كقوله في حديث أم زرع في قول الرابعة " زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة " أي في ذلك الليل .
فمعنى ( لا تبديل لخلق الله ) أنه الدين الحنيف الذي ليس فيه تبديل لخلق الله خلاف دين أهل الشرك قال تعالى عن الشيطان ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) . ويجوز أن تكون جملة ( لا تبديل لخلق الله ) معترضة لإفادة النهي عن تغيير خلق الله فيما أودعه الفطرة . فتكون ( لا تبديل لخلق الله ) خبرا مستعملا في معنى النهي على وجه المبالغة كقوله ( لا تقتلون أنفسكم ) .
فنفي الجنس مراد به جنس من التبديل خاص بالوصف لا نفي وقوع جنس التبديل فهو من العام المراد به الخصوص بالقرينة .
واسم الإشارة لزيادة تمييز هذا الدين مع تعظيمه .
والقيم : وصف بوزن فيعل مثل هين ولين يفيد قوة الاتصاف بمصدره أي البالغ قوة القيام مثل استقام الذي هو مبالغة في قام كاستجاب .
والقيام : حقيقته الانتصاب ضد القعود والاضطجاع ويطلق مجازا على انتفاء الاعوجاج يقال : عود مستقيم وقيم فإطلاق القيم على الدين تشبيه انتفاء الخطإ عنه باستقامة العود وهو من تشبيه المعقول بالمحسوس كما في قوله تعالى ( ولم يجعل له عوجا قيما ) وقال تعالى ( ذلك الدين القيم ) في سورة براءة .
ويطلق أيضا على الرعاية والمراقبة والكفالة بالشيء لأنها تستلزم القيام والتعهد قال تعالى ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) ومنه قلنا لراعي التلامذة ومراقب أحوالهم : قيم . ويطلق القيم على المهيمن والحافظ .
A E والمعاني كلها صالحة للحمل عليها هنا فإن هذا الكتاب معصوم عن الخطأ ومتكفل بمصالح الناس وشاهدا على الكتب السالفة تصحيحا ونسخا قال تعالى ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) وتقدم في طالع سورة الكهف . فهذا الدين به قوام أمر الأمة . قال عمر بن الخطاب لمعاذ بن جبل : يا معاذ ما قوام هذه الأمة ؟ قال : الإخلاص وهو الفطرة التي فطر الله الناس عليها والصلاة وهي الدين والطاعة وهي العصمة فقال عمر : صدقت . يريد معاذ بالإخلاص التوحيد كقوله تعالى ( مخلصين له الدين حنفاء ) .
والاستدراك في قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) لدفع توهم واهم يقول إذا كان هو دين الفطرة وهو القيم فكيف أعرض كثير من الناس عنه بعد تبليغه فاستدرك ذلك بأنهم جهال لا علم عندهم فإن كان قد بلغهم فإنهم جهلوا معانيه لإعراضهم عن التأمل ولا يعلمون منه إلا ما لا يفيدهم مهمهم لأنهم لم يسعوا في أن يبلغهم على الوجه الصحيح ؛ ففعل ( لا يعلمون ) غير متطلب مفعولا بل هو منزل منزلة اللازم لأن المعنى لا علم عندهم على نحو ما قرر في نظيره في أول هذه السورة .
والمراد ب ( أكثر الناس ) المشركون إذ أعرضوا عن دعوة الإسلام وأهل الكتاب إذ أبوا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ومفارقة أديانهم بعد إبطالها لانتهاء صلاحية تفاريعها بانقضاء الأحوال التي شرعت لها انقضاء لا مطمع بعده لأن تعود .
ومقابل ( أكثر الناس ) هم المؤمنون وشر ذمة من علماء أهل الكتاب علموا أحقية الإسلام وبقوا على أديانهم عنادا : فهم يعلمون ويكابرون أو تحيرا : فهم في شك بين علم وجهل .
( منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين [ 31 ] من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون [ 32 ] ) ( منيبين ) حال من ضمير ( فأقم ) للإشارة إلى أن الخطاب الموجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مراد منه نفسه والمؤمنون معه كما تقدم