وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومعنى عمارة الأرض : جعلها عامرة غير خلاء وذلك بالبناء والغرس والزرع . يقال : ضيعة عامرة أي معمورة بما تعمر به الضياع ويقال في ضده : ضيعة غامرة . ولكون قريش لم تكن لهم إثارة في الأرض بكلا المعنيين إذ كانوا بواد غير ذي زرع لم يقل في هذا الجانب : أكثر مما أثاروها .
وضميرا جمع المذكر في قوله ( وعمروها أكثر مما عمروها ) راجع أولهما إلى ما رجع إليه ضمير ( أثاروا ) وثانيهما إلى ما رجع إليه ضمير ( يسيروا في الأرض ) .
ويعرف توزيع الضميرين بالقرينة مثل توزيع الإشارة في قوله تعالى ( هذا من شيعته وهذا من عدوه ) في سورة القصص كالضميرين في قول عباس بن مرداس يذكر قتال هوازن يوم حنين : .
عدنا ولولا نحن أحدق جمعهم ... بالمسلمين وأحرزوا ما جمعوا وتقدم تفصيله عند قوله تعالى ( فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) في سورة يونس أي عمر الذين من قبلهم الأرض أكثر مما عمرها هؤلاء فإن لقريش عمارة في الأرض من غرس قليل وبناء وتفجير ولكنه يتضاءل أمام عمارة الأمم السالفة من عاد وثمود .
وتفريع ( فما كان الله ليظلمهم ) على قوله ( وجاءتهم رسلهم بالبينات ) إيجاز حذف بديع لأن مجيء الرسل بالبينات يقتضي تصديقا وتكذيبا فلما فرع عليه أنهم ظلموا أنفسهم علم أنهم كذبوا الرسل وأن الله جازاهم على تكذيبهم رسله بأن عاقبهم عقابا لو كان لغير جرم لشابه الظلم فجعل من مجموع نفي ظلم الله إياهم ومن إثبات ظلمهم أنفسهم معرفة أنهم كذبوا الرسل وعاندوهم وحل بهم ما هو معلوم من مشاهدة ديارهم وتناقل أخبارهم .
والاستدراك ناشئ على ما يقتضيه نفي ظلم الله إياهم من أنهم عوملوا معاملة سيئة لو لم يستحقوها لكانت معاملة ظلم .
وعبر عن ظلمهم أنفسهم بصيغة المضارع للدلالة على استمرار ظلمهم وتكرره وأن الله أمهلهم فلم يقلعوا حتى أخذهم بما دلت عليه تلك العاقبة والقرينة قوله ( كانوا ) .
وتقديم ( أنفسهم ) وهو مفعول ( يظلمون ) على فعله للاهتمام بأنفسهم في تسليط ظلمهم عليها لأنه ظلم يتعجب منه مع ما فيه من الرعاية على الفاصلة . وليس تقديم المفعول هنا للحصر لأن الحصر حاصل من جملتي النفي والإثبات .
( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون [ 10 ] ) ( ثم ) للتراخي الرتبي لأن هذه العاقبة أعظم رتبة في السوء من عذاب الدنيا فيجوز أن يكون هذا الكلام تذييلا لحكاية ما حل بالأمم السالفة من قوله ( كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) .
والمعنى : ثم عاقبة كل من أساءوا السوأى مثلهم فيكون تعريضا بالتهديد لمشركي العرب كقوله تعالى ( دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ) فالمراد ب ( الذين أساءوا ) كل مسيء من جنس تلك الإساءة وهي الشرك .
A E ويجوز أن يكون إنذارا لمشركي العرب المتحدث عنهم من قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) فيكونوا المراد ب ( الذين أساءوا ) ويكون إظهارا في مقام الإضمار على خلاف مقتضى الظاهر لقصد الإيماء بالصلة أي أن سبب عاقبتهم السوأى هو إساءتهم . وأصل الكلام : ثم كان عاقبتهم السوأى .
وهذا إنذار بعد الموعظة ونص بعد القياس فإن الله وعظ المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم بعواقب الأمم التي كذبت رسلها ليكونوا على حذر من مثل تلك العاقبة بحكم قياس التمثيل ثم أعقب تلك الموعظة بالنذارة بأنهم ستكون لهم مثل تلك العاقبة وأوقع فعل ( كان ) الماضي في موقع المضارع للتنبيه على تحقيق وقوعه مثل ( أتى أمر الله ) إتماما للنذارة والعاقبة : الحالة الأخيرة التي تعقب حالة قبلها . وتقدمت في قوله ( ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) في سورة الأنعام وقوله ( والعاقبة للتقوى ) في طه .
و ( الذين أساءوا ) هم كفار قريش . والمراد بآيات الله : القرآن ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم .
والسوأى : تأنيث الأسوإ أي الحالة الزائدة في الاتصاف بالسوء وهو أشد الشر كما أن الحسنى مؤنث الأحسن في قوله ( للذين أحسنوا الحسنى ) .
وتعريف ( السوأى ) تعريف الجنس إذ ليس ثمة عاقبة معهودة .
ويحتمل أن يراد ب ( الذين أساءوا ) الأمم الذين أثاروا الأرض وعمروها فتكون من وضع الظاهر موضع المضمر توسلا إلى الحكم عليهم بأنهم أساءوا واستحقوا السوأى وهي جهنم