وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن التعريف في قوله ( الفحشاء والمنكر ) تعريف الجنس فكلما تذكر المصلي عند صلاته عظمة ربه ووجوب طاعته وذكر ما قد يفعله من الفحشاء والمنكر كانت صلاته حينئذ قد نهته عن بعض أفراد الفحشاء والمنكر .
والفحشاء : اسم للفاحشة والفحش : تجاوز الحد المقبول . فالمراد من الفاحشة : الفعلة المتجاوزة ما يقبل بين الناس . وتقدم في قوله تعالى ( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء ) في سورة البقرة . والمقصود هنا من الفاحشة : تجاوز الحد المأذون فيه شرعا من القول والفعل وبالمنكر : ما ينكره ولا يرضى بوقوعه .
وكأن الجمع بين الفاحشة والمنكر منظور فيه إلى اختلاف جهة ذمه والنهي عنه .
وقوله ( ولذكر الله أكبر ) يجوز أن يكون عطفا على جملة ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) فيكون عطف علة على علة ويكون المراد بذكر الله هو الصلاة كما في قوله تعالى ( فاسعوا إلى ذكر الله ) أي صلاة الجمعة . ويكون العدول عن لفظ الصلاة الذي هو كالاسم لها إلى التعبير عنها بطريق الإضافة للإيماء إلى تعليل أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر أي إنما كانت ناهية عن الفحشاء والمنكر لأنها ذكر الله وذكر الله أمر كبير فاسم التفضيل مسلوب المفاضلة مقصود به قوة الوصف كما في قولنا : الله أكبر لا تريد أنه أكبر من كبير آخر .
ويجوز أن يكون عطفا على جملة ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب ) . والمعنى : واذكر الله فإن ذكر الله أمر عظيم فيصح أن يكون المراد من الذكر تذكر عظمة الله تعالى . ويجوز أن يكون المراد ذكر الله باللسان ليعم ذكر الله في الصلاة وغيرها . واسم التفضيل أيضا مسلوب المفاضلة ويكون في معنى قول معاذ بن جبل " ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله " .
ويجوز أن يكون المراد بالذكر تذكر ما أمر الله به ونهى عنه أي مراقبة الله تعالى وحذر غضبه فالتفضيل على بابه أي ولذكر الله أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة في ذلك النهي وذلك لإمكان تكرار هذا الذكر أكثر من تكرر الصلاة فيكون قريبا من قول عمر Bه : أفضل من شكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه .
A E ولك أن تقول : ذكر الله هو الإيمان بوجوده وبأنه واحد . فلما أمر رسوله A وأراد أمر المؤمنين بعملين عظيمين من البر أردفه بأن الإيمان بالله هو أعظم من ذلك إذ هو الأصل كقوله تعالى ( فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسبغة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين أمنوا ) . وذلك من رد العجز على الصدر عاد به إلى تعظيم أمر التوحيد وتفظيع الشرك من قوله ( إن الله يعلم ما تدعون من دونه من شيء ) إلى هنا .
وقوله ( والله يعلم ما تصنعون ) تذييل لما قبله وهو وعد ووعيد باعتبار ما اشتمل عليه قوله ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة ) وقوله ( تنهى عن الفحشاء والمنكر ) .
والصنع : العمل .
( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون [ 46 ] ) عطف على جملة ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب ) الآية باعتبار ما تستلزمه تلك من متاركة المشركين والكف عن مجادلتهم بعد قوله تعالى ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) كما تقدم آنفا . وقد كانت هذه توطئة لما سيحدث من الدعوة في المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لأن مجادلة أهل الكتاب لا تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم ولا للمؤمنين في مكة ولكن لما كان النبي E في إبان نزول أواخر هذه السورة على وشك الهجرة إلى المدينة وكانت الآيات السابقة مجادلة للمشركين غليظة عليهم من تمثيل حالهم بحال العنكبوت وقوله ( وما يعقلها إلا العالمون ) هيأ الله لرسوله E طريقة مجادلة أهل الكتاب . فهذه الآية معترضة بين محاجة المشركين والعود إليها في قوله تعالى ( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب ) الآيات .
وجيء في النهي بصيغة الجمع ليعم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين إذ قد تعرض للمسلمين مجادلات مع أهل الكتاب في غير حضرة النبي صلى الله عليه وسلم أو قبل قدومه المدينة