وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعلل الأمر بإقامة الصلاة بالإشارة إلى ما فيها من الصلاح النفساني فقال " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " فموقع ( إن ) هنا موقع فاء التعليل ولا شك أن هذا التعليل موجه إلى الأمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الفحشاء والمنكر فاقتصر على تعليل الأمر بإقامة الصلاة دون تعليل الأمر بتلاوة القرآن لما في هذا الصلاح الذي جعله الله في الصلاة من سر إلهي لا يهتدي إليه الناس إلا بإرشاد منه تعالى ؛ فأخبر أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والمقصود أنها تنهى المصلي .
وإذ قد كانت حقيقة النهي غير قائمة بالصلاة تعين أن فعل ( تنهى ) مستعمل في معنى مجازي بعلاقة أو مشابهة . والمقصود أن الصلاة تيسر للمصلي ترك الفحشاء والمنكر . وليس المعنى أن الصلاة صارفة المصلي عن أن يرتكب الفحشاء والمنكر فإن المشاهد يخالفه إذ كم من مصل يقيم صلاته ويقترف بعض الفحشاء والمنكر .
كما أنه يصح أن يكون المراد أنها تصرف المصلي عن الفحشاء والمنكر ما دام متلبسا بأداء الصلاة لقلة جدوى هذا المعنى . فإن أكثر الأعمال يصرف المشتغل به عن الاشتغال بغيره .
وإذ كانت الآية مسوقة للتنويه بالصلاة وبيان مزيتها في الدين تعين أن يكون المراد أن الصلاة تحذر من الفحشاء والمنكر تحذيرا هو من خصائصها .
وللمفسرين طرائق في تعليل ذلك منها : ما قاله بعضهم : إن المراد به ما للصلاة من ثواب عند الله فإن ذلك غرض آخر وليس منصبا إلى ترك الفحشاء والمنكر ولكنه من وسائل توفير الحسنات لعلها أن تغمر السيئات فيتعين لتفسير هذه الآية تفسيرا مقبولا أن نعتبر حكمها عاما في كل صلاة فلا يختص بصلوات الأبرار وبذلك تسقط عدة وجوه مما فسروا به الآية .
قال ابن عطية : " وذلك عندي بأن المصلي إذا كان على الواجب من الخشوع والإخبات صلحت بذلك نفسه وخامرها ارتقاب الله تعالى فاطرد ذلك في أقواله وأفعاله وانتهى عن الفحشاء والمنكر " اه . وفيه اعتبار قيود في الصلاة لا تناسب التعميم وإن كانت من شأن الصلاة التي يحق أن يلقنها المسلمون في ابتداء تلقينهم قواعد الإسلام .
A E والوجه عندي في معنى الآية : أن يحمل فعل " تنهى " على المجاز الأقرب إلى الحقيقة وهو تشبيه ما تشتمل عليه الصلاة بالنهي وتشبيه الصلاة في اشتمالها عليه بالناهي ووجه الشبه أن الصلاة تشتمل على مذكرات بالله من أقوال وأفعال من شأنها أن تكون للمصلي كالواعظ المذكر بالله تعالى إذ ينهى سامعه عن ارتكاب ما لا يرضي الله . وهذا كما يقال : صديقك مرآة ترى فيها عيوبك . ففي الصلاة من الأقوال تكبير لله وتحميده وتسبيحه والتوجه إليه بالدعاء والاستغفار وقراءة فاتحة الكتاب المشتملة على التحميد والثناء على الله والاعتراف بالعبودية له وطلب الإعانة والهداية منه واجتناب ما يغضبه وما هو ضلال وكلها تذكر بالتعرض إلى مرضاة الله والإقلاع عن عصيانه وما يفضي إلى غضبه فذلك صد عن الفحشاء والمنكر .
وفي الصلاة أفعال هي خضوع وتذلل لله تعالى من قيام وركوع وسجود وذلك يذكر بلزوم اجتلاب مرضاته والتباعد عن سخطه . وكل ذلك مما يصد عن الفحشاء والمنكر .
وفي الصلاة أعمال قلبية من نية واستعداد للوقوف بين يدي الله وذلك يذكر بأن المعبود جدير بأن تمتثل أوامره وتجتنب نواهيه .
فكانت الصلاة بمجموعها كالواعظ الناهي عن الفحشاء والمنكر فإن الله قال ( تنهى عن الفحشاء والمنكر ) ولم يقل تصد وتحول ونحو ذلك مما يقتضي صرف المصلي عن الفحشاء والمنكر .
ثم الناس في الانتهاء متفاوتون وهذا المعنى من النهي عن الفحشاء والمنكر هو من حكمة جعل الصلوات موزعة على أوقات من النهار والليل ليتجدد التذكير وتتعاقب المواعظ وبمقدار تكرر ذلك تزداد خواطر التقوى في النفوس وتتباعد النفس من العصيان حتى تصير التقوى ملكة لها . ووراء ذلك خاصية إلهية جعلها الله في الصلاة يكون بها تيسير الانتهاء عن الفحشاء والمنكر .
روى أحمد وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى النبي A فقال : إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق فقال : سينهاه ما تقول " أي صلاته بالليل