وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( نضربها للناس ) خبر عن اسم الإشارة . وهذه الجملة الخبرية مستعملة في الامتنان والطول لأن في ضرب الأمثال تقريبا لفهم الأمور الدقيقة . قال الزمخشري : " ولضرب العرب الأمثال واستحضار العلماء المثل والنظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خبيئات المعاني ورفع الأستار عن الحقائق حتى تريك المتخيل في صورة المتحقق والغائب كالمشاهد " . وقد تقدم بيان مزية ضرب الأمثال عند قوله تعالى ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) في سورة البقرة .
ولهذا أتبعت هذه الجملة بجملة ( وما يعقلها إلا العالمون ) . والعقل هنا بمعنى الفهم أي لا يفهم مغزاها إلا الذين كملت عقولهم فكانوا علماء غير سفهاء الأحلام . وفي هذا تعريض بأن الذين لم ينتفعوا بها جهلاء العقول فما بالك بالذين اعتاضوا عن التدبر في دلالتها باتخاذها هزءا وسخرية فقالت قريش لما سمعوا قوله تعالى ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ) وقوله ( كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) قالوا : ما يستحيي محمد أن يمثل بالذباب والعنكبوت والبعوض . وهذا من بهتانهم وإلا فقد علم البلغاء أن لكل مقام مقالا ولكل كلمة مع صاحبتها مقام .
( خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين [ 44 ] ) بعد أن بين الله تعالى عدم انتفاع المشركين بالحجة ومقدماتها ونتائجها الموصلة إلى بطلان إلهية الأصنام مستوفاة مغنية لمن يريد التأمل والتدبر في صحة مقدماتها بإنصاف نقل الكلام إلى مخاطبة المؤمنين لإفادة التنويه بشأن المؤمنين إذ انتفعوا بما هو أدق من ذلك وهو حالة النظر والفكر في دلالة الكائنات على أن خالقها هو الله وأن لا شيء غيره حقيقا بمشاركته في إلهيتة فأفاد أن المؤمنين قد اهتدوا إلى العلم ببطلان إلهية الأصنام خلافا للمشركين الذين لم يهتدوا بذلك . فأفهم ذلك أن من لم يعقلوها ليسوا بعالمين أخذا من مفهوم الصفة في قوله ( للمؤمنين ) إذا اعتبر المعنى الوصفي من قوله ( للمؤمنين ) أو أخذا من الاقتصار على ذكر المؤمنين في قوله ( إن في ذلك لآية للمؤمنين ) إذا اعتبر عنوان المؤمنين لقبا .
والاقتصار عند ذكر دليل الوحدانية على انتفاع المؤمنين بتلك الدلالة المفيد بأن المشركين لم ينتفعوا بذلك يشبه الاحتباك بين الآيتين .
A E والباء في ( بالحق ) للملابسة أي خلقهما على أحوالهما كلها بما ليس بباطل . والباطل في كل شيء لا وفاء فيه بما جعل هو له . وضد الباطل الحق فالحق في كل عمل هو إتقانه وحصول المراد منه قال تعالى ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ) .
والمراد بالسماوات والأرض ما يشمل ذاتهما والموجودات المظروفة فيهما . وهذا الخلق المتقن الذي لا تقصير فيه عما أريد منه هو آية على وحدانية الخالق وعلى صفات ذاته وأفعاله .
( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون [ 45 ] ) بعد أن ضرب الله للناس المثل بالأمم السالفة جاء بالحجة المبينة فساد معتقد المشركين ونوه بصحة عقائد المؤمنين بمنتهى البيان الذي ليس وراءه مطلب أقبل على رسوله بالخطاب الذي يزيد تثبيته على نشر الدعوة وملازمة الشرائع وإعلان كلمة الله بذلك وما فيه زيادة صلاح المؤمنين الذين انتفعوا بدلائل الوحدانية . وما الرسول E إلا قدوة للمؤمنين وسيدهم فأمره أمر لهم كما دل عليه التذييل بقوله ( والله يعلم ما تصنعون ) بصيغة جمع المخاطبين كقوله ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) فأمره بتلاوة القرآن إذ ما فرط فيه من شيء من الإرشاد .
وحذف متعلق فعل ( اتل ) ليعم التلاوة على المسلمين وعلى المشركين . وهذا كقوله تعالى ( قل إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها ) إلى قوله ( وأن أتلو القرءان فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ) .
وأمره بإقامة الصلاة لأن الصلاة عمل عظيم وهذا الأمر يشمل الأمة فقد تكرر الأمر بإقامة الصلاة في آيات كثيرة