وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فأما ما جاء به موسى من البينات لفرعون وهامان فهي المعجزات التي تحداهم بها على صدقه فأعرض فرعون عنها وأتبعه هامان وقومه . وأما ما جاء به موسى لقارون فنهيه عن البطر .
وأومأ قوله تعالى ( فاستكبروا في الأرض ) إلى أنهم كفروا عن عناد وكبرياء لا عن جهل وغلواء كما قال تعالى ( وأضله الله على علم ) فكان حالهم كحال صناديد قريش الذين لا يظن أن فطنتهم لم تبلغ بهم إلى تحقق أن ما جاء به محمد A صدق وأن ما جاء به القرآن حق ولكن غلبت الأنفة . وموقع جملة ( ولقد جاءهم موسى ) كموقع جملة ( وقد تبين لكم من مساكنهم ) .
والاستكبار : شدة الكبر فالسين والتاء للتأكيد كقوله ( وكانوا مستبصرين ) .
وتعليق قوله ( في الأرض ) ب ( استكبروا ) للإشعار بأن استكبار كل منهم كان في جميع البلاد التي هو منها فيومئ ذلك أن كل واحد من هؤلاء كان سيدا مطاعا في الأرض .
فالتعريف في ( الأرض ) للعهد فيصح أن يكون المعهود هو أرض كل منهم أو أن يكون المعهود الكرة الأرضية مبالغة في انتشار استكبار كل منهم في البلاد حتى كأنه يعم الدنيا كلها .
ومعنى السبق في قوله ( وما كانوا سابقين ) الانفلات من تصريف الحكم فيهم . وقد تقدم في قوله تعالى ( ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا ) في سورة الأنفال فالواو للحال أي استكبروا في حال انهم لم يفدهم استكبارهم .
وإقحام فعل الكون بعد النفي لأن المنفي هو ما حسبوه نتيجة استكبارهم أي أنهم لا ينالهم أحد لعظمتهم . ومثل هذا الحال مثل أبي جهل حين قتله ابنا عفراء يوم بدر فقال له عبد الله بن مسعود حين وجده محتضرا : أنت أبو جهل ؟ فقال : وهل أعمد من رجل قتلتموه لو غير أكار قتلني " أي زراع يعني رجلا من الأنصار لأن الأنصار أهل حرث وزرع " .
( فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون [ 40 ] ) A E أفادت الفاء التفريع على الكلام السابق لما اشتمل عليه من أن الشيطان زين لهم أعمالهم ومن استكبار الآخرين أي فكان من عاقبة ذلك أن أخذهم الله بذنوبهم العظيمة الناشئة عن تزيين الشيطان لهم أعمالهم وعن استكبارهم في الأرض وليس المفرع هو أخذ الله إياهم بذنوبهم لأن ذلك قد أشعر به ما قبل التفريع ولكنه ذكر ليفضى بذكره إلى تفصيل أنواع أخذهم وهو قوله ( فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ) إلى آخره فالفاء في قوله ( فمنهم من أرسلنا عليه ) الخ لتفريع ذلك التفصيل على الإجمال الذي تقدمه فتحصل خصوصية الإجمال ثم التفصيل وللدلالة على عظيم تصرف الله .
فأما الذين أرسل عليهم حاصب فهم عاد . والحاصب : الريح الشديدة سميت حاصبا لأنها تقلع الحصباء من الأرض . قال أبو وجرة السعدي : .
صببت عليكم حاصبي فتركتكم ... كأصرام عاد حين جللها الرمد فجعل الحاصب مما أصاب عادا . وليس المراد بهم قوم لوط كالذي في قوله تعالى ( إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط ) لأن قوم لوط مر آنفا الكلام على عذابهم مفصلا فلا يدخلون في هذا الإجمال .
والذين أخذتهم الصيحة هم ثمود . والذين خسفت بهم الأرض هو قارون وأهله . وقد تقدم ذكر الخسف في سورة القصص . والذين أغرقهم : فرعون وهامان ومن معهما من قومهما . وقد جاء هذا على طريقة النشر على ترتيب اللف .
والأخذ : الإتلاف والإهلاك ؛ شبه الإعدام بالأخذ بجامع إزالة الشيء من مكانه فاستعير له فعل ( أخذنا ) . وقد نفي عن الله تعالى ظلم هؤلاء لأن إيلامهم كان جزاء على أعمالهم وكل ما كان من نوع الجزاء يوصف بالعدل وقد نفى الله عن نفسه الوصف بالظلم فوجب الإيمان به سمعا لا عقلا في مقام الجزاء وأما في مقام التكوين فلا . وظلمهم أنفسهم هو تسببهم في عذاب أنفسهم فجروا إليها العقاب لأن النفس أولى الأشياء برأفة صاحبها بها وتفكيره في أسباب خيرها .
والاستدراك ناشئ عن نفي الظلم عن الله في عقابهم لأنه يتوهم منه انتفاء موجب العقاب فالاستدراك لرفع هذا التوهم