وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والقرية هي ( سدوم ) قرية قوم لوط . وقد تقدم ذكرها في سورة الأعراف .
وجملة ( إن أهلها كانوا ظالمين ) تعليل للإهلاك وقصد به استئناس إبراهيم لقبول هذا الخبر المحزن وأيضا لأن العدل يقتضي أن لا يكون العقاب إلا على ذنب يقتضيه .
والظلم : ظلمهم أنفسهم بالكفر والفواحش وظلمهم الناس بالغصب على الفواحش والتدرب بها .
وقوله ( إن فيها لوطا ) خبر مستعمل في التذكير بسنة الله مع رسله من الإنجاء من العذاب الذي يحل بأقوامهم . فهو من التعريض للملائكة بتخصيص لوط ممن شملتهم القرية في حكم الإهلاك ولوط وإن لم يكن من أهل القرية بالأصالة إلا أن كونه بينهم يقتضي الخشية عليه من أن يشمله الإهلاك . ولهذا قال ( إن فيها لوطا ) بحرف الظرفية ولم يقل : إن منها .
وجواب الملائكة إبراهيم بأنهم أعلم بمن فيها يريدون أنهم أعلم منه بأحوال من في القرية فهو جواب عما اقتضاه تعريضه بالتذكير بإنجاء لوط أي نحن أعلم منك باستحقاق لوط النجاة عند الله واستحقاق غيره العذاب فإن الملائكة لا يسبقون الله بالقول وهم بأمره يعملون وكان جوابهم مطمئنا إبراهيم . فالمراد من علمهم بمن في القرية علمهم باختلاف أحوال أهلها المرتب عليها استحقاق العذاب أو الكرامة بالنجاة .
وإنما كان الملائكة أعلم من إبراهيم بذلك لأن علمهم سابق على علمه ولأنه علم يقين ملقى من وحي الله فيما سخر له أولئك الملائكة إذ كان إبراهيم لم يوح الله إليه بشيء في ذلك ولأنه علم تفصيلي لا إجمالي وعمومي لا خصوصي . فلأجل هذا الأخير أجابوا ب ( نحن أعلم بمن فيها ) . ولم يقولوا : نحن أعلم بلوط وكونهم أعلم من إبراهيم في هذا الشأن لا يقتضي أنهم علم من إبراهيم في غيره فإن لإبراهيم علم النبوة والشريعة وسياسة الأمة والملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون ولا يشتغلون بغير ذلك إلا متى سخرهم الله لعمل . وبالأولى لا يقتضي كونهم أعلم بهذا منه أن يكونوا أفضل من إبراهيم فإن قول أهل الحق إن الرسل أفضل من الملائكة والمزية لا تقتضي الأفضلية ولكل فريق علم أطلعه الله عليه وخصه به كما خص الخضر بما لم يعلمه موسى وخص موسى بما لا يعلمه الخضر ولذلك عتب الله على موسى لما سئل : هل يوجد أعلم منك ؟ فقال : لا لأنه كان حق الجواب أن يفكك في أنواع العلم .
A E وجملة ( لننجينه وأهله إلا امرأته ) بيان لجملة ( نحن أعلم بمن فيها ) فلذلك لم تعطف عليها وفصلت فقد علموا بإذن الله أن لا ينجو إلا لوط وأهله أي بنتاه لا غير ويهلك الباقون حتى امرأة لوط .
وفعل ( كانت ) مستعمل في معنى تكون فعبر بصيغة الماضي تشبيها للفعل المحقق وقوعه بالفعل الذي مضى مثل قوله ( أتى أمر الله ) ويجوز أن يكون مرادا به الكون في علم الله وتقديره كما في آية الحجر ( قدرناها من الغابرين ) فتكون صيغة الماضي حقيقة .
وتقدم الكلام على نظير قوله ( إلا امرأته كانت من الغابرين ) في سورة النمل .
( ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيئ بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين [ 33 ] ) قد أشعر قوله ( إنا مهلكوا أهل هذه القرية ) أن الملائكة يحلون بالقرية واقتضى ذلك أن يخبروا لوطا بحلولهم بالقرية وأنهم مرسلون من عند الله استجابة لطلب لوط النصر على قومه فكان هذا المجيء مقدرا حصوله فمن ثم جعل شرطا لحرف ( لما ) كما تقدم آنفا في قوله ( ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى ) .
و ( أن ) حرف مزيد للتوكيد وأكثر ما يزاد بعد ( لما ) وهو يفيد تحقيق الربط بين مضمون الجملتين اللتين بعد ( لما ) فهي لتحقيق الربط بين مجيء الرسل ومساءة لوط بهم . ومعنى تحقيقه هنا سرعة الاقتران والتوقيت بين الشرط والجزاء تنبيها على أن الإشاء عقبت مجيئهم وفاجأته من غير ريث وذلك لما يعلم من عادة معاملة قومه مع الوافدين على قريتهم فلم يكون لوط عالما بأنهم ملائكة لأنهم جاءوا في صورة رجال فأريد هنا التنبيه على أن ما حدث به من المساءة وضيق الذرع كان قبل أن يعلم بأنهم ملائكة جاءوا لإهلاك أهل القرية وقبل أن يقولوا ( لا تخف ولا تحزن )