وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهي أظهر في قوله تعالى ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ) . وفي هذا إشارة إلى إبطال اغترارهم بتأخير الوعيد الذي توعدوه في الدنيا .
ولما آيسهم من الانفلات بأنفسهم في جميع الأمكنة أعقبه بتأييسهم من الانفلات من الوعيد بسعي غيرهم لهم من أولياء يتوسطون في دفع العذاب عنهم بنحو السعاية أو الشفاعة أو من نصراء يدافعون عنهم بالمغالبة والقوة .
( والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم [ 23 ] ) بيان لما في قوله ( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء ) وإنما عطف لما فيه من زيادة الإخبار بأنهم لا ينالهم الله برحمة وأنه يصيبهم بعذاب أليم .
والكفر بآيات الله : هو كفرهم بالقرآن . والكفر بلقائه : إنكار البعث .
واسم الإشارة يفيد أن ما سيذكره بعده نالهم من أجل ما ذكر قبل اسم الإشارة من أوصاف أي أنهم استحقوا اليأس من الرحمة وإصابتهم بالعذاب الأليم لأجل كفرهم بالقرآن وإنكارهم البعث على أسلوب ( أولئك على هدى من ربهم ) .
وأخبر عن يأسهم من رحمة الله بالفعل المضي تنبيها على تحقيق وقوعه . والمعنى : أولئك سييأسون من رحمة الله لا محالة .
والتعبير بالاسم الظاهر في قوله ( بآيات الله ) دون ضمير التكلم للتنويه بشأن الآيات حيث أضيفت إلى الاسم الجليل لما في الاسم الجليل من التذكير بأنه حقيق بأن لا يكفر بآياته . والعدول إلى التكلم في قوله ( رحمتي ) التفات عاد به أسلوب الكلام إلى مقتضى الظاهر وإعادة اسم الإشارة لتأكيد التنبيه على استحقاقهم ذلك .
( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون [ 24 ] ) لما تم الاعتراض الواقع في خلال قصة إبراهيم عاد الكلام إلى بقية القصة بذكر ما أجابه به قومه .
والفاء تفريع على جملة ( إذ قال لقومه اعبدوا الله ) .
وجيء بصيغة حصر الجواب في قوله ( اقتلوه أو حرقوه ) للدلالة على أنهم لم يترددوا في جوابه وكانت كلمتهم واحدة في تكذيبه وإتلافه وهذا من تصلبهم في كفرهم .
A E ثم ترددوا في طريق إهلاكه بين القتل بالسيف والإتلاف بالإحراق ثم استقر أمرهم على إحراقه لما دل عليه قوله تعالى ( فأنجاه الله من النار ) و ( جواب قومه ) خبر ( كان ) واسمها ( أن قالوا ) . وغالب الاستعمال أن يؤخر اسمها إذا كان ( أن ) المصدرية وصلتها كما تقدم في قوله تعالى ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) في آخر سورة النور ولذلك لم يقرأ الاسم الموالي لفعل الكون في أمثالها في غير القراءات الشاذة إلا منصوبا .
وقد أجمل إنجاؤه من النار هنا وهو مفصل في سورة الأنبياء .
والإشارة ب ( ذلك ) إلى الإنجاء من ( فأنجاه الله من النار ) وجعل ذلك الإنجاء آيات ولم يجعل آية واحدة لأنه آية لكل من شهده من قومه ولأنه يدل على قدرة الله وكرامة رسوله وتصديق وعده وإهانة عدوه وأن المخلوقات كلها جليلها وحقيرها مسخرة لقدرة الله تعالى .
وجيء بلفظ ( قوم يؤمنون ) ليدل على أن إيمانهم متمكن منهم ومن مقومات قوميتهم كما تقدم في قوله ( لآيات لقوم يعقلون ) في سورة البقرة . فلذلك آيات على عظيم عناية الله تعالى برسله فصدق أهل الإيمان في مختلف العصور . ففي قوله ( لقوم يؤمنون ) تعريض بأن تلك الآيات لم يصدق بها قوم إبراهيم لشدة مكابرتهم وكون الإيمان لا يخالط عقولهم .
( وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين [ 25 ] ) يجوز أن تكون مقالته هذه سابقة على إلقائه في النار وأن تكون بعد أن أنجاه الله من النار . والأظهر من ترتيب الكلام أنها كانت بعد أن أنجاه الله من النار أراد به إعلان مكابرتهن الحق وإصرارهم على عبادة الأوثان بعد وضوح الحجة عليهم بمعجزة سلامته من حرق النار . وتقدم ذكر الأوثان قريبا