وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإظهار اسم الجلالة بعد تقدم ضميره في قوله ( كيف بدأ الخلق ) وكان مقتضى الظاهر أن يقول : ثم ينشئ . قال في الكشاف : لأن الكلام كان واقعا في الإعادة فلما قررهم في الإبداء بأنه من الله احتج عليهم بأن الإعادة إنشاء مثل الإبداء فالذي لم يعجزه الإبداء فهو الذي وجب أن لا تعجزه الإعادة . فكأنه قال : ثم ذاك الذي أنشأ النشأة الأولى هو الذي ينشئ النشأة الآخرة فللتنبيه على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ اه . يريد أن العدول عن الإضمار إلى الاسم الظاهر لتسجيل وقوع هذا الإنشاء الثاني فتكون الجملة مستقلة حتى تكون عنوان اعتقاد بمنزلة المثل لأن في اسم الجلالة إحضارا لجميع الصفات الذاتية التي بها التكوين وليفيد وقوع المسند إليه مخبرا عنه بمسند فعلي معنى التقوي .
وجملة ( إن الله على كل شيء قدير ) تذييل أي قدير على البعث وعلى كل شيء إذا أراده . وإظهار اسم الجلالة لتكون جملة التذييل مستقلة بنفسها فتجري مجرى الأمثال .
والنشأة بوزن فعلة : المرة من النشء وهو الإيجاد وكذلك قرأها الجمهور عبر عنها بصيغة المرة لأنها نشأة دفعية تخالف النشء الأول ويقال : النشأة بمد بعد الشين بوزن الكآبة ومثلها الرأفة والرءافة . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ( النشأة ) بالمد . ووصفها ب ( الآخرة ) إيماء بأنها مساوية للنشأة الأولى فلا شبهة لهم في إحالة وقوعها . وأما قوله تعالى ( ولقد علمتم النشأة الأولى ) فلذلك على سبيل المشاكلة التقديرية لأن قوله قبله ( وننشئكم فيما لا تعلمون ) يتضمن النشأة الآخرة فعبر عن مقالتها بالنشأة .
( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون [ 21 ] ) لما ذكر النشأة الآخرة أتبع ذكرها بذكر أهم ما تشتمل عليه وما أوجدت لأجله وهو الثواب والعقاب .
وابتدئ بذكر العقاب لأن الخطاب جار مع منكري البعث الذين حظهم فيه هو التعذيب . ومفعولا فعلي المشيئة محذوفان جريا على غالب الاستعمال فيهما . والتقدير : من يشاء تعذيبه ومن يشاء رحمته . والفريقان معلومان من آيات الوعد والوعيد ؛ فأصحاب الوعد شاء الله رحمتهم وأصحاب الوعيد شاء تعذيبهم فمن الذين شاء تعذيبهم المشركون ومن الذين شاء رحمتهم المؤمنون والمقصود هنا هم الفريقان معا كما دل عليه الخطاب العام في قوله ( وإليه تقلبون ) .
والقلب : الرجوع أي وإليه ترجعون .
A E وتقديم المجرور على عامله للاهتمام والتأكيد إذ ليس المقام للحصر إذ ليس ثمة اعتقاد مردود . وفي هذا إعادة إثبات وقوع البعث وتعريض بالوعيد .
( وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير [ 22 ] ) عطفت على جملة ( وإليه تقلبون ) باعتبار ما تضمنته من الوعيد .
والمعجز حقيقته : هو الذي يجعل غيره عاجزا عن فعل ما وهو هنا مجاز في الغلبة والانفلات من المكنة وقد تقدم عند قوله تعالى ( إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين ) في سورة الأنعام .
فالمعنى : وما أنتم بمفلتين من العذاب . ومفعول ( معجزين ) محذوف للعلم به أي بمعجزين الله .
ويتعلق قوله ( في الأرض ) ب ( معجزين ) أي ليس لكم انفلات في الأرض أي لا تجدون موئلا ينجيكم من قدرتنا عليكم في مكان من الأرض سهلها وجبلها وبدوها وحضرها .
وعطف ( ولا في السماء ) على ( في الأرض ) احتراس وتأييس من الطمع في النجاة وإن كانوا لا مطمع لهم في الالتحاق بالسماء . وهذا كقول الأعشى : .
فلو كنت في جب ثمانين قامة ... ورقيت أسباب السماء بسلم ومنه قوله تعالى ( لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ول في الأرض ) ولم تقع مثل هذه الزيادة في آية سورة الشورى ( ويعفو عن كثير وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ) لأن تلك الآية جمعت خطايا للمسلمين والمشركين بقوله ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) إذ العفو عن المسلمين . وما هنا من المبالغة المفروضة وهي من المبالغة المقبولة كما في قول أبي بن سلمي الضبي : .
ولو طار ذو حافر قبلها ... لطارت ولكنه لم يطر