وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن هذين الفعلين ( يبدئ ويعيد ) وما تصرف منهما مما جرى استعمالهما متزاوجين بمنزلة الاتباع كقوله تعالى ( وما يبدئ الباطل وما يعيد ) في سورة سبأ . قال في الكشاف في سورة سبأ : فجعلوا قولهم : لا يبدئ ولا يعيد مثلا في الهلاك ومنه قول عبيد : .
" فاليوم لا يبدي ولا يعيد ويقال : أبدأ وأعاد بمعنى تصرف تصرفا واسعا قال بشار : .
فهمومي مظلة ... بادئات وعودا ويجوز أن تكون الرؤية علمية متعدية إلى مفعولين : أنكر عليهم تركهم النظر والاستدلال الموصل إلى علم كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده لأن أدلة بدء الخلق تفضي بالناظر إلى العلم بأن الله يعيد الخلق فتكون ( ثم ) عاطفة فعل ( يعيده ) على فعل ( يبدئ ) والجميع داخل في حيز الإنكار .
و ( كيف ) اسم استفهام وهي معلقة فعل ( يروا ) عن العمل في معموله أو معموليه . والمعنى : ألم يتأملوا في هذا السؤال أي في الجواب عنه . والاستفهام ( بكيف ) مستعمل في التنبيه ولفت النظر لا في طلب الإخبار .
وجملة ( إن ذلك على الله يسير ) مبينة لما تضمنه الاستفهام من إنكار عدم الرؤية المؤدية إلى العلم بوقوع الإعادة إذ أحالوها مع أن إعادة الخلق إن لم تكن أيسر من الإعادة في العرف فلا أقل من كونها مساوية لها وهذا كقوله تعالى ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) . والإشارة ب ( ذلك ) إلى المصدر المفاد من ( يعيده ) مثل عود الضمير على نظيره في قوله ( وهو أهون عليه ) . ووجه توكيد الجملة ب ( إن ) رد دعواهم أنه مستحيل .
( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير [ 20 ] ) A E اعتراض انتقالي من الإنكار عليهم ترك الاستدلال بما هو بمرأى منهم إلى إرشادهم للاستدلال بما هو بعيد عنهم من أحوال إيجاد المخلوقات وتعاقب الأمم وخلف بعضها عن بعض فإن تعود الناس بما بين أيديهم يصرف عقولهم عن التأمل فيما وراء ذلك من دلائل دقائقها على ما تدل عليه فلذلك أمر الله رسوله أن يدعوهم إلى السير في الأرض ليشاهدوا آثار خلق الله الأشياء من عدم فيوقنوا أن إعادتها بعد زوالها ليس بأعجب من ابتداء صنعها .
وإنما أمر بالسير في الأرض لأن السير يدني إلى الرائي مشاهدات جمة من مختلف الأرضين بجبالها وأنهارها ومحتوياتها ويمر به على منازل الأمم حاضرها وبائدها فيرى كثيرا من أشياء وأحوال لم يعتد رؤية أمثالها فإذا شاهد ذلك جال نظر فكره في تكوينها بعد العدم جولانا لم يكن يخطر له ببال حينما كان يشاهد أمثال تلك المخلوقات في ديار قومه لأنه لما نشأ فيها من زمن الطفولة فما بعده قبل حدوث التفكير في عقله اعتاد أن يمر ببصره عليها دون استنتاج من دلائلها حتى إذا شاهد أمثالها مما كان غائبا عن بصره جالت في نفسه فكرة الاستدلال فالسير في الأرض وسيلة جامعة لمختلف الدلائل فلذلك كان الأمر به لهذا الغرض من جوامع الحكمة . وجيء في جانب بدء الخلق بالفعل الماضي لأن السائر ليس له من قرار في طريقه فنذر أن يشهد حدوث بدء مخلوقات ولكنه يشهد مخلوقات مبدوءة من قبل فيفطن إلى أن الذي أوجدها إنما أوجدها بعد أن لم تكن وأنه قادر على إيجاد أمثالها فهو بالأحرى قادر على إعادتها بعد عدمها .
والاستدلال بالأفعال التي مضت أمكن لأن للشيء المتقرر تحققا محسوسا .
وجيء في هذا الاستدلال بفعل النظر لأن إدراك ما خلقه الله حاصل بطريق البصر وهو بفعل النظر أولى وأشهر لينتقل منه إلى إدراك أنه ينشئ النشأة الآخرة .
ولذلك أعقب بجملة ( ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ) فهي جملة مستقلة . و ( ثم ) للترتيب الرتبي كما تقدم في قوله ( ثم يعيده )