وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يجوز أن تكون هذه الجملة من بقية مقالة إبراهيم عليه السلام بأن يكون رأى منهم مخائل التكذيب ففرض وقوعه أو يكون سبق تكذيبهم إياه مقالته هذه فيكون الغرض من هذه الجملة لازم الخبر وهو أن تكذيبهم إياه ليس بعجيب فلا يضيره ولا يحسبوا انهم يضيرونه به ويتشفون منه فإن ذلك قد انتاب الرسل قبله من أممهم ولذلك أجمع القراء على قراءة فعل ( تكذبوا ) بتاء الخطاب ولم يختلفوا فيه اختلافهم في قراءة قوله ( أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ) الخ .
ويجوز أن تكون الجملة معترضة والواو اعتراضية واعتراض هذا الكلام بين كلام إبراهيم وجواب قومه فهو كلام موجه من جانب الله تعالى إلى المشركين التفت به من الغيبة إلى الخطاب تسجيلا عليهم والمقصود منه بيان فائدة سوق قصة نوح وإبراهيم وأن للرسول A إسوة برسل الأمم الذين قبله وخاصة إبراهيم جد العرب المقصودين بالخطاب على هذا الوجه .
وجملة ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) إعلام للمخاطبين بان تكذيبهم لا يلحقه منه ما فيه تشف منه ؛ فإن كان من كلام إبراهيم فالمراد بالرسول إبراهيم سلك مسلك الإظهار في مقام الإضمار لإيذان عنوان الرسول بأن واجبه وإبلاغ ما أرسل به بينا واضحا وإن كان من خطاب الله مشركي قريش فالمراد بالرسول محمد A وقد غلب عليه هذا الوصف في القرآن مع الإيذان بأن عنوان الرسالة لا يقتضي إلا التبليغ الواضح .
( أو لم يروا كيف يبديئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير [ 19 ] ) يجري هذا الكلام على الوجهين المذكورين في قوله ( وإن تكذبوا ) . ويترجح أن هذا مسوق من جانب الله تعالى إلى المشركين بان الجمهور قرأوا ( أو لم يروا ) بياء الغيبة ولم يجر مثل قوله ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) . ومناسبة التعرض لهذا هو ما جرى من الإشارة إلى البعث في قوله ( وإليه ترجعون ) تنظيرا لحال مشركي العرب بحال قوم إبراهيم .
A E وقرأ الجمهور ( أو لم يروا ) بياء الغائب والضمير عائد إلى ( الذين كفروا ) في قوله ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا ) أو إلى معلوم من سياق الكلام . وعلى وجه أن يكون قوله ( وإن تكذبوا ) الخ خارجا عن مقالة إبراهيم يكون ضمير الغائب في ( أو لم يروا ) التفاتا . والالتفات من الخطاب إلى الغيبة لنكتة إبعادهم عن شرف الحضور بعد الإخبار عنهم بأنهم مكذبون .
وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف ( أو لم تروا ) بالفوقية على طريقة ( وإن تكذبوا ) على الوجهين المذكورين .
والهمزة للاستفهام الإنكاري عن عدم الرؤية نزلوا منزلة من لم ير فأنكر عليهم .
والرؤية يجوز أن تكون بصرية والاستدلال بما هو مشاهدة من تجدد المخلوقات في كل حين بالولادة وبروز النبات دليل واضح لكل ذي بصر .
وإبداء الخلق : بدؤه وإيجاده بعد أن لم يكن موجودا . يقال : أبدأ بهمزة في أوله وبدأ بدونها وقد وردا معا في هذه الآية إذ قال ( كيف يبديء الله الخلق ) ثم قال ( فانظروا كيف بدأ الخلق ) ولم يجيء في أسمائه تعالى إلا المبدئ دون البادئ .
وأحسب أنه لا يقال ( أبدأ ) بهمز في أوله إلا إذا كان معطوفا عليه ( يعيد ) ولم أر من قيده بهذا .
والخلق : مصدر بمعنى المفعول أي المخلوق كقوله تعالى ( هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه ) .
وجيء ( يبديء ) بصيغة المضارع لإفادة تجدد بدء الخلق كلما وجه الناظر بصره في المخلوقات والجملة انتهت بقوله ( يبدئ الله الخلق ) . وأما جملة ( ثم يعيده ) فهي مستأنفة ابتدائية فليست معمولة لفعل ( يروا ) لأن إعادة الخلق بعد انعدامه ليست مرئية لهم ولا هم يظنونها فتعين أن تكون جملة ( ثم يعيده ) مستقلة معترضة بين جملة ( أو لم يروا ) وجملة ( قل سيروا في الأرض ) . و ( ثم ) للتراخي الرتبي لأن أمر إعادة الخلق أهم وأرفع رتبة من بدئه لأنه غير مشاهد ولأنهم ينكرونه ولا ينكرون بدء الخلق قال في الكشاف : " هو كقولك : مازلت أوثر فلانا واستخفله على من أخلفه " يعني فجملة : وأستخلفه ليست معطوفة على جملة : أوثر ولا داخلة في خبر : مازلت لأنك تقوله قبل أن تستخلفه فضلا عن تكرر الاستخلاف منك . هذه طريقة الكشاف وهو يجعل موقع ( ثم يعيده ) كموقع التفريع على الاستفهام الإنكاري