وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( إنما تعبدون من دون الله أوثانا ) تعليل لجملة ( اعبدوا الله ) . وقصرهم على عبادة الأوثان يجوز أن يكون قصرا على عبادتهم الأوثان أي دون أن يعبدوا الله فهو قصر حقيقي إذ كان قوم إبراهيم لا يعبدون الله فالقصر منصب على قوله ( من دون الله ) أي إنما تعبدون غير الله وبذلك يكون ( من دون الله ) حالا من ( أوثانا ) أي حال كونها معبودة من دون الله وهذا مقابل قوله ( اعبدوا الله ) دون أن يقول لهم : لا تعبدوا إلا الله ؛ لكن قوم إبراهيم قد وصفوا بالشرك في قوله تعالى في سورة الأنعام ( قال يا قوم إني بريء مما تشركون ) فهم مثل مشركي العرب فالقصر منصب على عبادتهم الموصوفة بالوثنية أي ما تعبدون إلا صورا لا إدراك لها فيكون قصر قلب لإبطال اعتقادهم إلهية تلك الصور كما قال تعالى ( قال أتعبدون ما تنحتون ) .
وعلى كلا الوجهين يتخرج معنى قوله ( من دون الله ) فإن ( دون ) يجوز أن تكون بمعنى ( غير ) فتكون ( من ) زائدة والمعنى : تعبدون أوثانا غير الله . ويجوز أن تكون كلمة ( دون ) اسما للمكان المباعد فهي إذن مستعارة لمعنى المخالفة فتكون ( من ) ابتدائية والمعنى : تعبدون أوثانا موصوفة بأنها مخالفة لصفات الله .
والأوثان : جمع وثن بفتحتين وهو صورة من حجر أو خشب مجسمة على صورة إنسان أو حيوان . والوثن أخص من الصنم لأن الصنم يطلق على حجارة غير مصورة مثل أكثر أصنام العرب كصنم ذي الخصلة لخثعم وكانت أصنام قوم إبراهيم صورا قال تعالى ( قال أتعبدون ما تنحتون ) . وتقدم وصف أصنامهم في سورة الأنبياء .
( وتخلقون ) مضارع خلق الخبر أي اختلقه أي كذبه ووضعه أي وتضعون لها أخبارا ومناقب وأعمالا مكذوبة موهومة .
والإفك : الكذب . وتقدم في قوله ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ) في سورة النور .
A E وجملة ( إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا ) إن كان قوم إبراهيم يعترفون لله تعالى بالإلهية والخلق والرزق ولكنهم يجعلون له شركاء في العبادة ليكونوا لهم شفعاء كحال مشركي العرب تكون الجملة تعليلا لجملة ( اعبدوا الله واتقوه ) أي هو المستحق للعبادة التي هي شكر على نعمه وإن كان قومه لا يثبتون إلهية لغير أصنامهم كانت جملة ( إن الذين تعبدون من دون الله ) مستأنفة ابتدائية إبطالا لاعتقادهم أن آلهتهم ترزقهم ويرجح هذا الاحتمال التفريع في قوله ( فابتغوا عند الله الرزق ) . وقد تقدم في سورة الشعراء التردد في حال إشراك قوم إبراهيم وكذلك في سورة الأنبياء .
وتنكير ( رزقا ) في سياق النفي يدل على عموم نفي قدرة أصنامهم على كل رزق ولو قليلا . وتفريع الأمر بابتغاء الرزق من الله إبطال لظنهم الرزق من أصنامهم أو تذكير بان الرازق هو الله فابتغاء الرزق منه يقتضي تخصيصه بالعبادة كما دل عليه عطف ( واعبدوه واشكروا له ) . وقد سلك إبراهيم مسلك الاستدلال بالنعم الحسية لأن إثباتها أقرب إلى أذهان العموم .
و ( عند ) ظرف مكان وهو مجاز . شبه طلب الرزق من الله بالبحث عن شيء في مكان يختص به فاستعير له ( عند ) الدالة على المكان المختص بما يضاف إليه الظرف .
وعدي الشكر باللام جريا على أكثر استعماله في كلام العرب لقصد إفادة ما في اللام من معنى الاختصاص أي الاستحقاق .
ولام التعريف في ( الرزق ) لام الجنس المفيدة للاستغراق بمعونة المقام أي فاطلبوا كل رزق قل أو كثر من الله دون غيره . والمعرف بلام الجنس في قوة النكرة فكأنه قيل : فابتغوا عند الله رزقا ولذلك لم تكن إعادة لفظ الرزق بالتعريف مقتضية كونه غير الأول فلا تنطبق هنا قاعدة النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى .
وجملة ( إليه ترجعون ) تعليل للأمر بعبادته وشكره أي لأنه الذي يجازي على ذلك ثوابا وعلى ضده عقابا إذ إلى الله لا إلى غيره مرجعكم بعد الموت . وفي هذا إدماج تعليل العبادة بإثبات البعث .
( وإن تكذبوا فقد كذب أمم قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين [ 18 ] )