وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفعل الوصاية يتعدى إلى الموصى عليه بالباء تقول : أوصى بأبنائه إلى فلان على معنى أوصى بشؤونهم ويتعدى إلى الفعل المأمور به بالباء أيضا وهو الأصل مثل ( وأوصى بها إبراهيم بنيه ) . فإذا جمع بين الموصى عليه والموصى به وغلب حذف الباء من البدل اكتفاء بوجودها في المبدل منه فكذلك قوله تعالى هنا ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) تقديره : وصينا الإنسان بوالديه بحسن بنزع الخافض .
والحسن : اسم مصدر أي بإحسان . والجملة ( وإن جاهداك لتشرك بي ) عطف على جملة ( وصينا ) وهو بتقدير قول محذوف لأن المعطوف عليه فيه معنى القول .
والمجاهد : الإفراط في بذل الجهد في العمل أي ألحا لأجل أن تشرك بي .
والمراد بالعلم في قوله : ( ما ليس لك به علم ) العلم الحق المستند إلى دليل العقل أو الشرع أي أن تشرك بي أشياء لا تجد في نفسك دليلا على استحقاقها العبادة كقوله تعالى ( فلا تسألني ما ليس لك به علم ) أي علم بإمكان حصوله . وفي الكشاف : أن نفي العلم كناية عن نفي المعلوم كأنه قال : أن تشرك بي شيئا لا يصح أن يكون إلها أي لا يصح أن يكون معلوما يعني انه من باب قولهم : هذا ليس بشيء كما صرح به في تفسير سورة لقمان كقوله تعالى ( ما يدعون من دونه الباطل ) .
وجملة : ( إلي مرجعكم ) مستأنفة استئنافا بيانيا لزيادة تحقيق ما أشارت إليه مقدمة الآية من قوله ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) لأن بقية الآية لما آذنت بفظاعة أمر الشرك وحذرت من طاعة المرء والديه فيه كان ذلك مما يثير سؤالا في نفوس الأبناء أنهم هل يعملون الوالدين بالإساءة لأجل إشراكهما فأنبئوا أن عقابهما على الشرك مفوض إلى الله تعالى فهو الذي يجازي المحسنين والمسيئين .
A E والمرجع : البعث . والإنباء : الإخبار وهو مستعمل كناية عن علمه تعالى بما يعملونه من ظاهر الأعمال وخفيها أي ما يخفونه عن المسلمين وما يكنونه في كنايتان : أولاهما إيماء وثانيتهما تلويح أي فأجازيكم ثوابا على عصيانهما فيما يأمران وأجازيهما عذابا على إشراكهما .
فجملة ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ) تصريح ببعض ما أفادته الكناية التي في قوله ( فأنبئكم بما كنتم تعملون ) اهتماما بجانب جزاء المؤمنين . وقد أشير إلى شرف هذا الجزاء بأنه جزاء الصالحين الكاملين كقوله ( فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) ؛ ألا ترى إلى قول سليمان ( وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ) .
ومن لطيف مناسبة هذا الظرف في هذا المقام أن المؤمن لما أمر بعصيان والديه إذا أمراه بالشرك كان ذلك مما يثير بينه وبين أبويه جفاء وتفرقة فجعل الله جزاء عن وحشة تلك التفرقة أنسا بجعله في عداد الصالحين يأنس بهم .
( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين [ 10 ] ) هذا فريق من الذين أسلموا بمكة كان حالهم في علاقاتهم مع المشركين حال من لا يصبر على الأذى فإذا لحقهم أذى رجعوا إلى الشرك بقلوبهم وكتموا ذلك عن المسلمين فكانوا منافقين فأنزل الله فيهم هذه الآية قبل الهجرة قاله الضحاك وجابر بن زيد . وقد تقدم في آخر سورة النحل أن من هؤلاء الحارث بن ربيعة بن الأسود وأبا قيس بن الوليد بن المغيرة وعلي بن أمية بن خلف والعاصي بن منبه بن الحجاج . فهؤلاء استنزلهم الشيطان فعادوا إلى الكفر بقلوبهم لضعف إيمانهم وكان ما لحقهم من الأذى سببا لارتدادهم ولكنهم جعلوا يظهرون للمسلمين أنهم معهم . ولعل التظاهر كان بتمالؤ بينهم وبين المشركين فرضوا منهم بأن يختلطوا بالمسلمين ليأتوا المشركين بأخبار المسلمين : فعدهم الله منافقين وتوعدهم بهذه الآية