وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وانتصب ( أحسن ) على أنه وصف لمصدر محذوف هو مفعول مطلق من فعل ( لنجزينهم ) . والتقدير : ولنجزينهم جزاء أحسن .
وإضافته إلى ( الذي كانوا يعملون ) لإفادة عظم الجزاء كله فهو مقدر بأحسن أعمالهم . وتقدير الكلام : لنجزينهم عن جميع صالحاتهم جزاء أحسن صالحاتهم . وشمل هذا من يكونون مشركين فيؤمنون ويعملون الصالحات بعد نزول هذه الآية .
( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون [ 8 ] والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين [ 9 ] ) لم يترك القرآن فاذة من أحوال علائق المسلمين بالمشركين إلا بين واجبهم فيها المناسب لإيمانهم ومن أشد تلك العلائق علاقة النسب فالنسب بين المشرك والمؤمن يستدعي الإحسان وطيب المعاشر ولكن اختلاف الدين يستدعي المناواة والمغاضبة ولا سيما إذ كان المشركون متصلبين في شركهم ومشفقين من أن تأتي دعوة الإسلام على أساس دينهم فهم يلحقون الأذى بالمسلمين ليقلعوا عن متابعة الإسلام فبين الله بهذه الآية ما على المسلم في معاملة أنسبائه من المشركين . وخص بالذكر منها نسب الوالدين لأنه أقرب نسب فيكون ما هو دونه أولى بالحكم الذي يشرع له .
A E وحدثت قضية أو قضيتان دعتا إلى تفصيل هذا الحكم . روى أن سعد بن أبي وقاص حين أسلم قالت له أمه حمنة بنت أبي سفيان يا سعد بلغني أنك صبأت فوالله لا يظلني سقف بيت وإن الطعام والشراب علي حرام حتى تكفر بمحمد وبقيت كذلك ثلاثة أيام فشكا سعد ذلك إلى رسول الله A فنزلت هذه الآية فأمره رسول الله A أن يداريها ويترضاها بالإحسان .
وروي أنه لما أسلم عياش بن أبي ربيعة المخزومي وهاجر مع عمر بن الخطاب إلى المدينة قبل هجرة رسول الله A خرج أبو جهل وأخوه الحارث وكانا أخوي عياش لأمه فنزلا بعياش وقالا له : إن محمدا يأمر ببر الوالدين وقد تركت أمك وأقسمت أن لا تطعم ولا تشرب ولا تأوي بيتا حتى تراك وهي أشد حبا لك منها لنا فاخرج معنا . فاستشار عمر فقال عمر : هما يخدعانك فلم يزالا به حتى عصى نصيحة عمر وخرج معهما . فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل : إن ناقتي كلت فاحملني معك . قال عياش : نعم ونزل ليوطئ لنفسه ولأبي جهل . فأخذاه وشداه وثاقا وذهبا به إلى أمه فقالت له : لا تزال بعذاب حتى ترجع عن دين محمد وأوثقته عندها فقيل : إن هذه الآية نزلت في شأنهما .
والمقصود من الآية هو قوله ( وإن جاهداك لتشرك بي ) إلى آخره وإنما افتتحت ب ( وصينا الإنسان بوالديه حسنا ) لأنه كالمقدمة للمقصود ليعلم أن الوصاية بالإحسان إلى الوالدين لا تقتضي طاعتهما في السوء ونحوه لقول النبي A : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " . ولقصد تقرير حكم الإحسان للوالدين في كل حال إلا في حال الإشراك حتى لا يلتبس على المسلمين وجه الجمع بين الأمر بالإحسان للوالدين وبين الأمر بعصيانهما إذا أمرا بالشرك لإبطال قول أبي جهل : أليس من دين محمد البر بالوالدين ونحوه .
وهذا من أساليب الجدل وهو الذي يسمى القول بالموجب وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع ومنه في القرآن قوله تعالى : ( قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده ) فعلم أنه لا تعرض بين الإحسان إلى الوالدين وبين إلغاء أمرهما بما لا يرجع إلى شأنهما .
والتوصية : كالإيصاء يقال : أوصى ووصى وهي أمر بفعل شيء في مغيب الآمر به ففي الإيصاء معنى التحريض على المأمور به وتقدم في قوله تعالى ( الوصية للوالدين ) وقوله ( وأوصى بها إبراهيم ) في البقرة