وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أي ومن جاهد ممن يرجون لقاء الله فليست الواو للتقسيم وليس ( من جاهد ) بقسيم لمن كانوا يرجون لقاء الله بل الجهاد من عوارض من كانوا يرجون لقاء الله .
والجهاد : مبالغة في الجهد الذي هو مصدر جهد كمنع إذا جد في عمله وتكلف فيه تعبا ولذلك شاع إطلاقه على القتال في نصر الإسلام . وهو هنا يجوز أن يكون الصبر على المشاق والأذى اللاحقة بالمسلمين لأجل دخولهم في الإسلام ونبذ دين الشرك حيث تصدى المشركون لأذاهم . فإطلاق الجهاد هنا هو مثل إطلاقه في قوله تعالى بعد هذا ( وإن جاهداك لتشرك بي ) ومثل إطلاقه في قول النبي A وقد قفل من إحدى غزواته " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " .
وهذا المحل هو المتبادر في هذه السورة بناء على أنها كلها مكية نه لم يكن جهاد القتال في مكة .
ومعنى ( فإنما يجاهد لنفسه ) على هذا المحمل أن ما يلاقيه من المشاق لفائدة نفسه ليتأتى له الثبات على الإيمان الذي به ينجو من العذاب في الآخرة .
ويجوز أن يراد بالجهاد المعنى المنقول إليه في اصطلاح الشريعة وهو قتال الكفار لأجل نصر الإسلام والذب عن حوزته ويكون ذكره هنا إعداد نفوس المسلمين لما سيلجأون إليه من قتال المشركين قبل أن يضطروا إليه فيكون كقوله تعالى ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) ومناسبة التعريض له على هذا المحمل هو أن قوله ( فإن أجل الله لآت ) تضمن ترقبا لوعد نصرهم على عدوهم فقدم إليهم أن ذلك بعد جهاد شديد وهو ما وقع يوم بدر .
A E ومعنى ( فإنما يجاهد لنفسه ) على هذا المحمل هو معناه في المحمل الأول لأن ذلك الجهاد يدافع صد المشركين إياهم عن إسلام فكان الدوام على الإسلام موقوفا عليه وزيادة معنى أخر وهو أن ذلك الجهاد وإن كان في ظاهر الأمر دفاعا عن دين الله فهو أيضا به نصرهم وسلامة حياة الأحياء منهم وأهلهم وأبنائهم وأساس سلطانهم في الأرض كما قال تعالى ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) . وقال علقمة بن شيبان التميمي : .
ونقاتل الأعداء عن أبنائنا ... وعلى بصائرنا وإن لم نبصر والأوفق ببلاغة القرآن أن يكون المحملان مرادين كما قدمنا في المقدمة التاسعة من مقدمات هذا التفسير .
والقصر المستفاد من ( إنما ) هو قصر الجهاد على الكون لنفس المجاهد أي الصالح نفسه إذ العلة لا تتعلق بالنفس بل بأحوالها أي جهاد لفائدة نفسه لا لنفع ينجر إلى الله تعالى فالقصر الحاصل بأداة ( إنما ) قصر ادعائي للتنبيه إلى ما يغفلون عنه - حين يجاهدون الجهاد بمعنييه - من الفوائد المنجرة إلى أنفس المجاهدين ولذلك عقب الرد المستفاد من القصر بتعليله بأن الله عني عن العالمين فلا يكون شيء من الجهاد لله تعالى ولكن نفعه للأمة .
فموقع حرف التأكيد هنا هو موقع فاء التفريع الذي نبه عليه صاحب دلائل الإعجاز وتقدم غير مرة .
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون [ 7 ] ) يجوز أن يكون عطفا على جملة ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ) لما تضمنته الجملة المعطوف عليها من التهديد والوعيد فعطف عليها ما هو وعد وبشارة للذين آمنوا وعملوا الصالحات مع ما أفضى إلى ذكر هذا الوعد من قوله قبله ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ) فإن مضمون جملة ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) الآية يفيد بيان كون جهاد من جاهد لنفسه .
ويجوز أن تكون عطفا على جملة ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ) وسلك بها طريق العطف باعتبار ما أومأ إليه الموصول وصلته من أن سبب هذا الجزاء الحسن هو أنهم آمنوا وعملوا الصالحات وهو على الوجه إظهار في مقام الإضمار لنكتة هذا الإيماء .
فالجزاء فضل لأن العبد إذا امتثل أمر الله فإنما دفع عن نفسه تبعة العصيان ؛ فأما الجزاء على طاعة مولاه فلذلك فضل من المولى وغفران ما تقدم من سيئاتهم فضل عظيم لأنهم كانوا أحقاء بأن يؤاخذوا بما عملوه وبأن إقلاعهم عن ذلك في المستقبل لا يقتضي التجاوز عن الماضي لكنه زيادة في الفضل