وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولما كان علم الله بمن يكون إيمانه صادقا عند الفتون ومن يكون إيمانه كاذبا بهذين المعنيين متقررا في الأزل من قبل أن يحصل الفتون والصدق والكذب تعين تأويل فعل ( فليعلمن ) بمعنى : فليعلمن بكذب إيمانهم بهذا المعنى فهو من تعلق العلم بحصول أمر كان في علم الله أنه سيكون وهو شبيه بتعلق الإرادة المعبر عنه بالتعلق التنجيزي ولا مانع من إثبات تعلقين لعلم الله تعالى : أحدهما قديم والآخر تنجيزي حادث . ولا يفضي ذلك إلى اتصاف الله تعالى بوصف حادث لأن تعلق الصفة تحقق مقتضاها في الخارج لا في ذات موصوفها وتقدم عند قوله تعالى ( إلا لنعلم من يتبع الرسول ) في سورة البقرة وقوله ( وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ) في آل عمران .
ولك أن تجعل العلم هنا مكنى به عن وعد الصادقين ووعيد الكاذبين لأن العلم سبب للجزاء بما يقتضيه فكانت الكناية مقصودة وهو المعنى الأهم .
وقد عدل في قوله ( فليعلمن الله ) عن طريق التكلم إلى طريق الغيبة بإظهار اسم الجلالة على أسلوب الالتفات لما في هذا الإظهار من الجلالة ليعلم أن الجزاء على ذلك جزاء مالك الملك .
وتعريف المتصدقين بصدق الإيمان بالموصول والصلة الماضوية لإفادة أنهم اشتهروا بحدثان صدق الإيمان وان صدقهم محقق .
وأما تعريف المتصفين بالكذب بطريق التعريف باللام وبصيغة اسم الفاعل فلإفادة أنهم عهدوا بهذا الوصف وتميزوا به مع ما في ذلك من التفنن والرعاية على الفاصلة .
A E روى الطبري عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : نزلت هذه الآية ( الم أحسب الناس أن يتركوا ) إلى قوله ( وليعلمن الكاذبين ) في عمار بن ياسر غذ كان يعذب في الله أي وأمثاله عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد وسلمة ابن هشام ممن كانوا يعذبون بمكة وكان النبي A يدعو لهم الله بالنجاة لهم وللمستضعفين من المؤمنين .
( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون [ 4 ] ) أعقب تثبيت المؤمنين على ما يصيبهم من فتون المشركين وما في ذلك من الوعد والوعيد بزجر المشركين على ما يعملونه من السيئات في جانب المؤمنين وأعظم تلك السيئات فتونهم المسلمين . فالمراد بالذين يعملون السيئات الفاتنون للمؤمنين .
وهذا ووعيدهم بان الله لا يفلتهم . وفي هذا أيضا زيادة تثبيت للمؤمنين بأن الله ينصرهم من أعدائهم .
ف ( أم ) للإضراب الانتقالي ويقدر بعدها استفهام غنكاري .
والسيئات : الأعمال السوء . وهي التنكيل والتعذيب وفتون المسلمين .
والسبق : مستعمل مجازا في النجاة والانفلات كقوله مرة بن عداء الفقعسي : .
كأنك لم تسبق من الدهر مرة ... إذا أنت أدركت الذي كنت تطلب وقوله تعالى ( وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم ) وقوله ( فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه ) .
وقد تقدم عند قوله تعالى ( ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا ) في سورة الأنفال . والمعنى : أم حسبوا أن قد شفوا غيظهم من المؤمنين فهم بذلك غلبوا أولياءنا فغلبونا .
وجملة ( ساء ما يحكمون ) ذم لحسبانهم ذلك وإبطال له . فهي مقررة لمعنى الإنكار في جملة ( أم حسب الذين يعملون السيئات ) فلها حكم التوكيد فلذلك فصلت .
وهذه الجملة تقتضي أن يكون هذا الحسبان واقعا منهم . ومعنى وقوعه : انهم اعتقدوا ما يساوي هذا الحسبان لأنهم حين لم يستطع المؤمنون رد فتنهم قد اغتروا بأنهم غلبوا المؤمنين وإذ قد كان المؤمنون يدعون إلى الله دون الأصنام فمن غلبهم فقد حسب انه غلب من يدعون إليه وهم لا يشعرون بهذا الحسبان فأفهمه .
والحكم مستعمل في معنى الظن والاعتقاد تهكما بهم بأنهم نصبوا أنفسهم منصب الذي يحكم فيطاع و ( ما يحكمون ) موصول وصلته أي ساء الحكم الذي يحكمونه .
وهذه الآية وغن كانت واردة في شأن المشركين المؤذين للمؤمنين فهي تشير تحذير المسلمين من مشابهتهم في اقتراف السيئات استخفافا بوعيد الله عليها لأنهم في ذلك يأخذون بشيء من مشابهة حسبان الانفلات وإن كان المؤمن لا يظن ذلك ولكنه ينزل منزلة من يظنه لإعراضه عن الوعيد حين يقترف السيئة .
( من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم [ 5 ] )