وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وبناء فعلي ( يتركوا ويفتنون ) للمجهول للاستغناء عن ذكر الفاعل لظهور أن الفاعل قوم ليسوا بمؤمنين أي أن يتركوا خالين عن فتون الكافرين إياهم لما هو معروف من الأحداث قبيل نزولها ولما هو معلوم من دأب الناس أن يناصبوا العداء من خالفهم في معتقداتهم ومن ترفع عن رذائلهم . والمعنى : أحسب الذين قالوا آمنا أن يتركهم أعداء الدين دون أن يفتنوهم . ومن فسروا الفتون هنا بما شمل التكاليف الشاقة مثل الهجرة والجهاد قد ابتعدوا عن مهيع المعنى واللفظ وناكدوا ما تفرع عنه من قوله ( فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) .
وإنما لم نقدر فاعل ( يتركوا ) و ( يفتنون ) أنه الله تعالى تحاشيا مع التشابه مع وجود مندوحة عنه .
وهذه الفتنة مراتب أعظمها التعذيب كما فعل ببلال وعمار بن ياسر وأبويه .
( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين [ 3 ] ) انتقال إلى التنويه بالفتون لأجل الإيمان بالله بأنه سنة الله في سالف أهل الإيمان وتأكيد الجملة بلام القسم وحرف التحقيق لتنزيل المؤمنين حين استظعفوا ما نالهم من الفتنة من المشركين واستبطأوا النصر على الظالمين وذهولهم عن سنة الكون في تلك الحالة منزلة من ينكر أن من يخالف الدهماء في ضلالهم ويتجافى عن أخلاقهم ورذالتهم لا بد أن تلحقه منهم فتنة .
A E ولما كان هذا السنن من آثار ما طبع الله عليه عقول غالب البشر وتفكيرهم غير المعصوم بالدلائل وكان حاصلا في الأمم السالفة كلها أسند فتون تلك الأمم إلى الله تعالى إسنادا مجازيا لأنه خالق أسبابه كما خلق أسباب العصمة منه لمن كان أهلا للعصمة من مثله وفي هذا الإسناد إيماء إلى ان الذي خلق أسباب تلك الفتن قريبها وبعيدها قادر على صرفها بأسباب تضادها . وإلى هذا يشير دعاء موسى عليه السلام المحكي في سورة يونس ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا أطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) فسأل الله أن يخلق ضد الأسباب التي غرت فرعون وملأه وغشيت على قلبه بالضلال .
والمقصود التذكير بما لحق صالحي الأمم السالفة من الأذى والاضطهاد كما لقي صالحو النصارى من مشركي الرومان في عصور المسيحية الأولى وقد قص القرآن بعض ذلك في سورة البروج .
وحكمها سار في حال كل من يتمسك بالحق بين قوم يستخفون به من المسلمين لأن نكران الحق أنواع كثيرة .
والواو الداخلة على جملة ( ولقد فتنا الذين من قبلهم ) يجوز أن تكون عاطفة على جملة ( أحسب الناس ) ويجوز كونها عاطفة على جملة ( وهم لا يفتنون ) فتكون بمعنى الحال أي والحال قد فتنا الذين من قبلهم وعلى كلا التقديرين فالجملة معترضة بين ما قبلها وما تفرع عنه من قوله ( فليعلمن الله الذين صدقوا ) . فلك أن تسمي تلك الواو اعتراضية . وإسناد فعل ( فتنا ) إلى الله تعالى لقصد تشريف هذه الفتون بأنه جرى على سنة الله في الأمم . فالفاء في قوله ( فليعلمن الله الذين صدقوا ) تفريع على جملة ( وهم لا يفتنون ) أي يفتنون فيعلم الله الذين صدقوا منهم والكاذبين . والمفرع هو علم الله الحاصل في المستقبل كما يقتضيه توكيد فعل العلم بنون التوكيد التي لا يؤكد بها المضارع إلا مستقبلا . وهو تعلق بالمعلوم شبيه بالتعلق التنجيزي لصفتي الإرادة والقدرة وإن لم يسموه بهذا الاسم .
والمراد بالصدق هنا ثبات الشيء ورسوخه وبالكذب ارتفاعه وتزلزله ؛ وذلك أن المؤمنين حين قالوا ( آمنا ) لم يكن منهم من هو كاذب في إخباره عن نفسه بأنه اعتقد عقيدة الإيمان واتبع رسوله فإذا لحقهم الفتون من أجل دخولهم في دين الإسلام فمن لم يعبأ بذلك ولم يترك اتباع الرسول فقد تبين رسوخ إيمانه ورباطة عزمه فكان إيمانه حقا وصدقا ومن ترك الإيمان خوف الفتنة فقد استبان من حالة عدم رسوخ إيمانه وتزلزله وهذا كقول النابغة : .
" أولئك قوم بأسهم غير كاذب وقول الأعشى في ضده يصف راحلته : .
جمالية تغتلي بالرداف ... إذا كذب الآثمات الهجيرا وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) في أول سورة يونس