وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والاستفهام يجوز أن يكون توبيخا مستعملا في لازمه وهو الإلجاء إلى الاعتراف بأن المستفهم عنه واقع منهم تبكيتا لهم ولهذا عطف عليه قوله ( أما ذا كنتم تعملون ) . فحرف ( أم ) فيه بمعنى ( بل ) للانتقال ومعادل همزة الاستفهام المقدرة محذوف دل عليه قوله ( ماذا كنتم تعملون ) . والتقدير : أكذبتم بآياتي أم لم تكذبوا فماذا كنتم تعملون إن لم تكذبوا فماذا كنتم تعملون إن لم تكذبوا فإنكم لم توقنوا فماذا كنتم تعملون في مدة تكرير دعوتكم إلى الإسلام . ومن هنا حصل الإلجاء إلى الاعتراف بأنهم كذبوا .
ومن لطائف البلاغة أنه جاء بالمعادل الأول مصرحا به لأنه المحقق منهم فقال ( أكذبتم بآياتي ) وحذف معادله الآخر تنبيها على انتفائه كأنه قيل : أهو ما عهد منكم من التكذيب أم حدث حادث آخر فجعل هذا المعادل مترددا فيه وانتقل الكلام إلى استفهام . وهذا تبكيت لهم . قال في الكشاف ( ومثاله أن تقول لراعيك وقد علمت أنه راعي سوء : أتأكل نعمي أم ماذا تعمل بها فتجعل ما ابتدأت به وجعلته أساس كلامك هو الذي صح عندك من أكله وفساده وترمي بقولك : أم ماذا تعمل بها مع علمك أنه لا يعمل بها إلا الأكل لتبهته . ويجوز أن يكون الاستفهام تقريرا وتكون ( أم ) متصلة وما بعدها هو معادل الاستفهام باعتبار المعنى كأنه قيل : أكذبتم أم لم تكذبوا فماذا كنتم تعملون إن لم تكذبوا فإنكم لم تتبعوا آياتي .
وجملة ( ولم تحيطوا بها علما ) في موضع الحال أي كذبتم دون أن تحيطوا علما بدلالة الآيات . وانتصب ( علما ) على أنه تمييز نسبة ( تحيطوا ) أي لم يحط علمكم بها فعدل عن إسناد الإحاطة إلى العلم إلى إسنادها إلى ذوات المخاطبين ليقع تأكيد الكلام بالإجمال في الإسناد ثم التفصيل بالتمييز .
وإحاطة العلم بالآيات مستعملة في تمكن العلم حتى كأنه ظرف محيط بها وهذا تعبير لهم وتوبيخ بأنهم كذبوا بالآيات قبل التدبر فيها .
و ( ماذا ) استفهام واسم إشارة وهو بمعنى اسم الموصول إذا وقع بعد ( ما ) . والمشار غليه هو مضمون الجملة بعده في قوله ( كنتم تعملون ) . ولكون المشار إليه في مثل هذا هو الجملة صار اسم الإشارة بعد الاستفهام في قوة موصول فكأنه قيل : ما الذي كنتم تعملون ؟ فذلك معنى قول النحويين : إن ( ذا ) بعد ( ما ) و ( من ) الاستفهاميتين يكون بمعنى ( ما ) الموصولة فهو بيان معنى لا بيان وضع .
( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون [ 85 ] ) يجوز أن يكون الواو للحال والمعنى : يقال لهم أكذبتم بآياتي وقد وقع القول عليهم . وهذا القول هو القول السابق في آية ( وإذا وقع القول عليهم ) فإن ذلك القول مشتمل على حوادث كثيرة فكلما تحقق شيء منها فقد وقع القول .
والتعبير بالماضي في قوله ( وقع ) هنا على حقيقته وأعيد ذكر تعظيما لهوله . ويجوز أن تكون الواو عاطفة والقول هو القول الأول وعطفت الجملة على الجملة المماثلة لها ليبنى عليها سبب وقوع القول وهو أنه بسبب ظلمهم وليفرع عليه قوله ( فهم لا ينطقون ) .
والتعبير بفعل المضي على هذا الوجه لأنه محقق الحصول في المستقبل فجعل كأنه حصل ومضى .
و ( ما ظلموا ) بمعنى المصدر والباء السببية أي بسبب ظلمهم والظلم هنا الشرك وما يتبعه من الاعتداء على حقوق الله وحقوق المؤمنين فكان ظلمهم سبب حلول الوعيد بهم وفي الحديث ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) فكل من ظلم سيقع عليه القول الموعود به الظالمون لأن الظلم ينتسب إلى الشرك وينتسب هذا إليه كما تقدم عند قوله تعالى ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) في هذه السورة .
وجملة ( فهم لا ينطقون ) مفرعة على ( وقع القول ) أي وقع عليهم وقوعا يمنعهم الكلام أي كلام الاعتذار أو الإنكار أي فوجموا لوقوع ما وعدوا به قال تعالى ( هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) .
( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون [ 86 ] ) A E