وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد تقدم في سورة المؤمنين حكاية مثل هذه المقالة عن الذين كفروا إلا أن اسم الإشارة الأول وقع مؤخرا عن ( نحن ) في سورة المؤمنين ووقع مقدما عليه هنا وتقديمه وتأخيره سواء في اصل المعنى لأنه مفعول ثان ل ( وعدنا ) وقع بعد نائب الفاعل في الآيتين . وإنما يتجه أن يسأل عن تقديمه على توكيد الضمير الواقع نائبا على الفاعل . وقد ناطها في الكشاف بأن التقديم دليل على أن المقدم هو الغرض المعتمد بالذكر وبسوق الكلام لأجله . وبينه السكاكي في المفتاح بأن ما وقع في سورة المؤمنين كان بوضع المنصوب بعد المرفوع وذلك موضعه . وأما ما في سورة النمل فقدم المنصوب على المرفوع لكونه فيها أهم يدلك على ذلك أن الذي قبله ( إذا كنا ترابا وآباؤنا ) والذي قبل آية سورة المؤمنين ( إذا متنا وكنا ترابا وعظاما ) فالجهة المنظور فيها هناك ( في سورة المؤمنين ) هي كون أنفسهم ترابا وعظاما والجهة المنظور فيها هنا في سورة النمل هي كون أنفسهم وكون آبائهم ترابا لا جزء هناك من بناهم ( جمع بنية ) على - أي باقيا - صورة نفسه ( أي على صورته التي كان عليها وهو حي ) . ولا شبهة أنها أدخل عندهم في تبعيد البعث فاستلزم زيادة الاعتناء بالقصد إلى ذكره فصيره هذا العارض أهم اه .
وحاصل الكلام أن كل آية حكت أسلوبا من مقالهم ( بل قالوا مثل ما قال الأولون قالوا أإذا متنا ) ( لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ) .
وبعد فقد حصل في الاختلاف بين أسلوب الآيتين تفنن كما تقدم في المقدمة السابعة .
والأساطير : جمع أسطورة وهي القصة والحكاية . وتقدم الكلام على ذلك عند قوله تعالى ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) في سورة النحل . والمعنى : ما هذا إلا كلام معاد قاله الأولون وسطروه وتلقفه من جاء بعدهم ولم يقع شيء منه .
( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين [ 69 ] ) أمر الرسول A بأن يقول لهم هذه الكلمة ولذلك فصل فعل ( قل ) وتقدم نظيره في سورة الأنعام . والمناسبة في الموضعين هي الموعظة بحال المكذبين لأن إنكارهم البعث تكذيب للرسول وإجرام . والوعيد بأن يصيبهم ما أصابهم إلا أنها هنالك عطفت ب ( ثم انظروا ) وهنا بالفاء ( فانظروا ) وهما متئايلان . وذكر هنالك عاقبة المكذبين وذكر هنا عاقبة الجرمين : والمكذبون مجرمون . والاختلاف بين الحكايتين للتفنن كما قدمناه في المقدمة السابعة .
( ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون [ 70 ] ) كانت الرحمة غالبة على النبي A والشفقة على الأمة من خلاله فلما أنذر المكذبون بهذا الوعيد تحركت الشفقة في نفس الرسول E فربط الله على قلبه بهذا التشجيع أن لا يحزن عليهم إذا أصابهم ما أنذروا به . وكان من رحمته A حرصه على إقلاعهم عما هم عليه من تكذيبه والمكر به فألقى الله في روعه رباطة جاش بقوله ( ولا تكن في ضيق مما يمكرون ) .
والضيق : بفتح الضاد وكسرها قرأه الجمهور بالفتح وابن كثير بالكسر . وحقيقته : عدم كفاية المكان أو الوعاء لما يراد حلوله فيه وهو هنا مجاز في الحالة الحرجة التي تعرض للنفس عند كراهية شيء فيحس المرء في مجاري نفسه بمثل ضيق عرض لها . وإنما هو انضغاط في أعصاب صدره . وقد تقدم عند قوله ( ولا تك في ضيق مما يمكرون ) في آخر سورة النحل .
والظرفية مجازية أي لا نكن ملتبسا ومحوطا بشيء من الضيق بسبب مكرهم .
والمكر تقدم عند قوله تعالى ( ومكروا ومكر الله ) في سورة آل عمران . و ( ما ) مصدرية أي من مكرهم .
A E ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين [ 71 ] قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون [ 72 ] ) عطف على ( وقال الذين كفروا إذا كنا ترابا ) . والتعبير هنا بالمضارع للدلالة على تجدد ذلك القول منهم أي لم يزالوا يقولون .
والمراد بالوعد ما أنذروا به من العقاب . والاستفهام عن زمانه وهو استفهام تهكم منهم بقرينة قوله ( إن كنتم صادقين ) .
وأمر الله نبيه بالجواب عن قولهم لأن هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ومن أطلعه على شيء منه من عباده المصطفين