وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( من ) في قوله ( منها عمون ) للابتداء المجازي جعل عماهم وضلالهم في إثبات الآخرة كأنه ناشئ لهم من الآخرة إذ هي سبب عماهم أي إنكارها سبب ضلالهم . وفي الكلام مضاف محذوف تقديره : من إنكار وجودها عمون فالمجرور متعلق ب ( عمون ) . وقدم على متعلقة للاهتمام بهذا المتعلق وللرعاية على الفاصلة . وصيغت الجملة الاسمية للدلالة على الثبات كما في قوله ( بل هم في شك منها ) .
وترتيب هذه الإضرابات الثلاثة ترتيب لتنزيل أحوالهم ؛ فوصفوا أولا بأنهم لا يشعرون بوقت البعث ثم بأنهم تلقفوا في شأن الآخرة التي البعث من شؤونها علما مضطربا أو جهلا فخبطوا في شك ومرية فأعقبهم عمى وضلالة بحيث إن هذه الانتقالات مندرجة متصاعدة حتى لو قيل : بل أدارك علمهم في الآخرة فهم في شك منها فهم منها عمون لحصل المراد . ولكن جاءت طريقة التدرج بالإضراب الانتقالي أجزل وأبهج وأروع وأدل على أن كل من هذه الأحوال المرتبة جدير بأن يعتبر فيه المعتبر باستقلاله لا بكونه متفرعا على ما قبله وهذا البيان هو ما أشرت إليه آنفا عند الكلام على قراءة الجمهور ( أدارك ) من خفاء توجيه الإضرابين اللذين بعد الإضراب الأول .
وضمائر جمع الغائبين في قوله ( يشعرون ويبعثون علمهم هم في شك هم منها عمون ) عائدة إلى ( من ) الموصولة في قوله تعالى ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) . و ( من ) هذه وإن كانت من صيغ العموم فالضمائر المذكورة عائدة إليها بتخصيص عمومها ببعض من في الأرض وهم الذين يزعمون أنهم يعلمون الغيب من الكهان والعرافين وسدنة الأصنام الذين يستقسمون للناس بالأزلام وهو تخصيص لفظي من دلالة السياق وهو من قسم المخصص المنفصل اللفظي . والخلاف الواقع بين علماء الأصول في اعتبار عود الضمير إلى بعض أفراد العام مخصصا للعموم يقرب من أن يكون خلافا لفظيا . الضمير إلى أفراد العام مخصصا للعموم يقرب من أن يكون خلافا لفظيا . ومنه قوله تعالى ( وبعولتهن أحق بردهن ) فإن ضمير ( بعولتهن ) عائد إلى المطلقات الرجعيات من قوله تعالى ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ) الذي هو عام للرجعيات وغيرهن .
وبهذا تعلم أن التعبير ب ( الذين كفروا ) هنا ليس من الإظهار في مقام الإضمار لأن الذين كفروا أعم من ما صدق ( من ) في قوله ( لا يعلم من السماوات والأرض الغيب ) .
( وقال الذين كفروا إذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون [ 67 ] لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين [ 68 ] ) أعقب وصف عماية الزاعمين علم الغيب بذكر شبهتهم التي أرتهم البعث مستحيل الوقوع ولذلك أسند القول هنا إلى جميع الذين كفروا دون خصوص الذين يزعمون علم الغيب ولذلك عطف الجملة لأنها غايرت التي قبلها بأنها أعم .
والتعبير عنهم باسم الموصول لما في الموصول من الإيماء إلى علة قولهم هذه المقالة وهي ما أفادته الصلة من كونهم كافرين فكأنه قيل : وقالوا بكفرهم أإذا كنا ترابا . . إلى آخره استفهاما بمعنى الإنكار .
أتوا بالإنكار في صورة الاستفهام لتجهيل معتقد ذلك وتعجيزه عن الجواب بزعمهم . والتأكيد ب ( إن ) لمجاراة كلام المردود عليه بالإنكار . والتأكيد تهكم .
A E وقرأ نافع وأبو جعفر ( إذا كنا ترابا ) بهمزة واحدة هي همزة ( إذا ) على تقدير همزة استفهام محذوفة للتخفيف من اجتماع همزتين أو بجعل ( إذا ) ظرفا مقدما على عامله والمستفهم عنه هو ( إنا لمخرجون ) .
وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة بهمزتين في ( أإذا - وأإننا ) على اعتبار تكرير همزة الاستفهام في الثانية لتأكيد الأولى إلا أن أبا عمرو خفف الثانية من الهمزتين في الموضعين وعاصما وحمزة حققاهما . وهؤلاء كلهم حذفوا نون المتكلم بعد نون ( إن ) . وقرأ ابن عامر والكسائي ( أإذا ) بهمزتين و ( إننا ) بهمزة واحدة وبنونين اكتفاء بالهمزة الأولى للاستفهام وكلها استعمال فصيح