وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذلك صالح لمعنيين : أولهما أن يكون التدارك وهو التلاحق الذي هو استعمال مجازي يساوي الحقيقة أي تداركت علوم الحاضرين مع علوم أسلافهم أي تلاحقت وتتابعت فتلقى الخلف عن السلف علمهم في الآخرة وتقلدوها عن غير بصيرة ولا نظر وذلك أنهم أنكروا البعث ويشعر لذلك قوله تعالى عقبه ( وقال الذين كفروا إذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين ) . وقريب من هذا قوله تعالى في سورة المؤمنين ( بل قالوا مثل ما قال الأولون ) .
الوجه الثاني أن يكون التدارك مستعملا مجازا مرسلا في الاختلاط والاضطراب لأن التدارك والتلاحق يلزمه التداخل كما إذا لحقت جماعة من الناس جماعة أخرى أي لم يرسوا على أمر واختلفت أقوالهم اختلافا يؤذن بتناقضها فهم ينفون البعث ثم يزعمون أن الأصنام شفعاؤهم عند الله من العذاب وهذا يقتضي إثبات البعث ولكنهم لا يعذبون ثم يتزودون تارة للآخرة ببعض أعمالهم التي منها : أنهم كانوا يحبسون الراحة على قبر صاحبها ويتركونها لا تأكل ولا تشرب حتى تموت فيزعمون أن صاحبها يركبها ويسمونها البلية فلذلك من اضطراب أمرهم في الآخرة .
وفعل المضي على هذين الوجهين على أصله . وحرف ( في ) على هاذين الوجهين في تفسيرها على قراءة الجمهور مستعمل في السببية أي بسبب الآخرة .
ويجوز وجه آخر وهو أن يكون ( أدارك ) مبالغة في ( أدرك ) ومفعوله محذوفا تقديره : إدراكهم أي حصل لهم علمهم بوقت بعثهم في اليوم الذي يبعثون فيه أي يومئذ يوقنون بالبعث فيكون فعل المضي مستعملا في معنى التحقق ويكون حرف ( في ) على اصله من الظرفية .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ( بل أدرك ) بهمز قطع وسكون الدال ومعناه ؛ انتهى علمهم في الآخرة . يقال أدرك إذا فني . وفي ثبوت معنى فني لفعل أدرك خلاف بين أئمة اللغة فقد أثبته ابن المظفر في رواية شمر عنه قال شمر : ولم أسمعه لغيره وأثبته الزمخشري في الكشاف في هذه الآية وصاحب القاموس . وقال أبو منصور : هذا غير صحيح في لغة العرب وما علمت أحدا قال : أدرك الشيء إذا فني . وأقول قد ثبت في اللغة : أدركت الثمار وإذا انتهى نضجها . ونسبه في تاج العروس لليث ولأبن جني وحسبك بإثبات هؤلاء الإثبات . قال الكواشي في تبصرة المتذكر : المعنى فني علمهم في الآخرة من أدركت الفاكهة إذا بلغت النضج وذلك مؤذن بفنائها وزوالها .
فحاصل المعنى على قراءة الجمهور ( وما يشعرون أيان يبعثون ) وقد تلقى بعضهم عن بعض ما يعلمون في شأن الآخرة وهو ما اشتهر عنهم من إنكار الحياة الآخرة أو قد اضطرب ما يعلمونه في شأن الآخرة وأنهم سيعلمون ذلك لا محالة في يوم الدار الآخرة .
وحاصل المعنى على قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر : ما يشعرون أيان يبعثون فإنهم لا علم لهم بالحياة الآخرة أي جهلوا الحياة الآخرة .
أما عدد القراءات الشاذة في هذه الجملة فبلغت عشرا .
A E وأما جملة ( بل هم في شك منها ) فهو إضراب انتقال للارتقاء من كونهم اضطرب علمهم في الآخرة أو تقلد خلفهم ما لقنه سلفهم أو من أنهم انتفى علمهم في الآخرة إلى أن ذلك الاضطراب في العلم قد أثار فيهم شكا من وقوع الآخرة . و ( من ) للابتداء المجازي أي في شك ناشئ عن أمر الآخرة . وجيء بالجملة الاسمية للدلالة على ثبات الخبر ودوامه والظرفية للدلالة على إحاطة الشك بهم .
وجملة ( بل هم منها عمون ) ارتقاء ثالث وهو آخر درجات الارتقاء في إثبات ضلالهم وهو أنهم عميان عن شأن الآخرة .
و ( عمون ) : جمع عم بالتنوين وهو فعل من العمى صاغوا له مثال المبالغة للدلالة على شدة العمى وهو تشبيه عدم العلم بالعمى وعادم العلم بالأعمى . وقال زهير : .
وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن علم ما في غد عم فشبه ضلالهم عن البعث بالعمى في عدم الاهتداء إلى المطلوب تشبيه المعقول بالمحسوس