وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويؤخذ من الآية أن الماء المنزل من السماء لا يختلف مقداره وإنما تختلف مقادير توزيعه على مواقع القطر فعن ابن عباس : ما عام أقل مطرا من عام ولكن الله قسم ذلك بين عباده على ما شاء . وتلا هذه الآية . وذكر القرطبي عن ابن مسعود عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه قال : ( ما من سنة بأمطر من أخرى ولكن إذا عمل قوم المعاصي صرف الله ذلك إلى غيرهم فإذا عصوا جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار ) اه . فحصل من هذا أن المقدار الذي تفضل الله به من المطر على هذه الأرض لا تختلف كميته وإنما يختلف توزيعه . وهذه حقيقة قررها علماء حوادث الجو في القرن الحاضر فهو من معجزات القرآن العلمية الراجعة إلى الجهة الثالثة من المقدمة العاشرة لهذا التفسير .
وجوز فريق أن يكون ضمير ( صرفناه ) عائدا إلى غير مذكور معلوم في المقام مراد به القرآن ؛ قالوا لأنه المقصود في هذه السورة فإنها افتتحت بذكره وتكرر في قوله ( إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) . وأصل هذا التأويل مروي عن عطاء . ولقوله بعده ( وجاهدهم به جهادا كبيرا ) .
وقيل الضمير عائد إلى الكلام المذكور أي ولقد صرفنا هذا الكلام وكررناه على ألسنة الرسل ليذكروا .
( ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا [ 51 ] فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا [ 52 ] ) .
جملة اعتراض بين ذكر دلائل تفرد الله بالخلق وذكر منته على الخلق . ومناسبة موقع هذه الجملة وتفريعها بموقع الآية التي قبلها خفية . وقال ابن عطية في قوله ( ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ) : اقتضاب يدل عليه ما ذكر . تقديره : ولكنا أفردناك بالنذارة وحملناك فلا تطع الكافرين ) اه .
فإن كان عنى بقوله : اقتضاب معنى الاقتضاب الاصطلاحي بين علماء الأدب والبيان وهو عدم مراعاة المناسبة بين الكلام المنتقل منه والكلام المنتقل إليه كان عدولا عن التزام تطلب المناسبة بين هذه الآية والآية التي قبلها وليس الخلو عن المناسبة ببدع فقد قال صاحب تلخيص المفتاح ( وقد ينقل منه ( أي مما شبب به الكلام ) إلى ما لا يلائمه ( أي لا يناسب المنتقل منه ) ويسمى الاقتضاب وهو مذهب العرب ومن يليهم من المخضرمين ) الخ . وإذا كان ابن عطية عنى بالاقتضاب معنى القطع ( أي الحذف من الكلام ) أي إيجاز الحذف كما يشعر به قوله ( يدل عليه ما ذكر تقديره الخ ) كان لم يعرج على اتصال هذه الآية بالتي قبلها .
وفي الكشاف : ( ولو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جمع القرى ولبعثنا في كل قرية نبيا ينذرها وإنما قصرنا الأمر عليك وعظمناك على سائر الرسل ( أي بعموم الدعوة ) فقابل ذلك بالتصبر ) اه . وقد قال الطيبي : ( ومدار السورة على كونه A مبعوثا إلى الناس كافة ولذلك افتتحت بما يثبت عموم رسالة محمد A إلى جميع الناس بقوله تعالى ( ليكون للعالمين نذيرا ) .
وليس في كلام الكشاف والطيبي إلا بيان مناسبة الآية لمهم أغراض السورة دون بيان مناسبتها للتي قبلها .
والذي أختاره أن هذه الآية متصلة بقوله تعالى ( وقال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) الآية فيعد أن بين إبطال طعنهم فقال ( كذلك لنثبت به فؤادك ) انتقل إلى تنظير القرآن بالكتاب الذي أوتيه موسى عليه السلام وكيف استأصل الله من كذبوه ثم استطرد بذكر أمم كذبوا رسلهم ثم انتقل إلى استهزاء المشركين بالنبي A وأشار إلى تحرج النبي A من إعراض قومه عن دعوته بقوله ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) .
وتسلسل الكلام بضرب المثل بمد الظل وقبضه وبحال الليل والنهار وبإرسال الرياح . أمارة على رحمة غيثه الذي تحيا به الموت حتى انتهى إلى قوله ( ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ) ويؤيد ما ذكرنا اشتمال التفريع على ضمير القرآن في قوله ( وجاهدهم به ) .
ومما يزيد هذه الآية اتصالا بقوله تعالى ( وقال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) أن بعث نذير إلى كل قرية ما هو أشد من تنزيل القرآن مجزأ ؛ فلو بعث الله في كل قرية نذيرا لقال الذين كفروا : لو لا أرسل رسول واحد إلى الناس جميعا فإن مطاعنهم لا تقف عند حد كما قال تعالى ( ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لو لا فصلت آياته أعجمي وعربي ) في سورة حم السجدة