وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( أنعاما ) مفعول ثان ل ( نسقيه ) . وقوله ( مما خلقنا ) حال من ( أنعاما وأناسي ) . و ( من ) تبعيضية . و ( ما ) موصولة أي بعض ماخلقناه والموصول للإيماء إلى علة الخبر أي نسقيهم لأنهم مخلوقات . ففائدة هذا الحال الإشارة إلى رحمة الله بها لأنها خلقه . وفيه إشارة إلى أن أنواعا أخرى من الخلائق تسقى بماء السماء ولكن الاقتصار على ذكر الأنعام والأناسي لأنهما موقع المنة ؛ فالأنعام بها صلاح حال البادين بألبانها وأصوافها وأشعارها ولحومها وهي تشرب من مياه المطر من الأحواض والغدران .
والأناسي : جمع إنسي وهو مرادف إنسان . فالياء فيه ليست للنسب . وجمع على فعالي مثل كرسي وكراسي . ولو كانت ياؤه نسب لجمع على أناسية كما قالوا : صيرفي وصيارفة . ووصف الأناسي ب ( كثيرا ) لأن بعض الأناسي لا يشربون من ماء السماء وهم الذين يشربون من مياه الأنهار كالنيل والفرات والآبار والصهاريج ولذلك وصف العرب بأنهم بنو ماء السماء . فالمنة أخص بهم قال زيادة الحارثي : .
ونحن بنو ماء السماء فلا نرى ... لأنفسنا من دون مملكة قصرا وفي أحاديث ذكر هاجر زوج إبراهيم عليه السلام قال أبو هريرة ( فتلك أمكم يا بني ماء السماء ) يعني العرب . وماء المطر لنقاوته التي ذكرناها صالح بأمعاء كل الناس وكل الأنعام دون بعض مياه العيون والأنهار .
ووصف أناسي وهو جمع بكثير وهو مفرد لأن فعيلا قد يراد به المتعدد مثل رفيق وكذلك قليل قال تعالى ( واذكروا إذ كنتم قليلا ) .
وتقديم ذكر الأنعام على الأناسي اقتضاه نسج الكلام على طريقة الأحكام في تعقيبه بقوله ( ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ) ولو قدم ذكر ( أناسي ) لتفكك النظم . ولم يقدم ذكر الناس في قوله تعالى ( متاعا لكم ولأنعامكم ) في سورة النازعات لانتفاء الداعي للتقديم فجاء على أصل الترتيب .
وضمير ( صرفناه ) عائد إلى ( ماء طهورا ) . والتصريف : التغيير . والمراد هنا تغيير أحوال الماء أي مقاديره ومواقعه .
وتوكيد الجملة بلام القسم و ( قد ) لتحقيق التعليل لأن تصرف المطر محقق لا يحتاج إلى التأكيد وإنما الشيء الذي لم يكن لهم علم به هو ان من حكمة تصريفه بين الناس أن يذكروا نعمة الله تعالى عليهم مع نزوله عليهم وفي حالة إمساكه عنهم لأن كثير من الناس لا يقدر قدر النعمة إلا عند فقدها فيعلموا أن الله هو الرب الواحد المختار في خلق الأسباب والمسببات وقد كانوا لا يتدبرون حكمة الخالق ويسندون الآثار إلى مؤثرات وهمية أو صورية .
ولما كن التذكر شاملا لشكر المنعم عليهم بإصابة المطر ولتفطن المحرومين إلى سبب حرمانهم إياه لعلهم يستغفرون جيء في التعليل بفعل ( ليذكروا ) ليكون علة لحالتي التصريف بينهم .
وقوله ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) تركيب جرى بمادته وهيئته مجرى المثل في الإخبار عن تصميمي المخبر عنه على ما بعد حرف الاستثناء وذلك يقتضي وجود الصارف عن المستثنى أي فصمموا على الكفور لا يرجعون عنه لأن الاستثناء من عموم أشياء مبهمة جعلت كلها مما تعلق به الإباء كأن الآبين قد عرضت عليهم " من الناس أو من خواطرهم " أمور وراجعوا فلم يقبلوا منها إلا الكفور وإن لم يكن هنالك عرض ولا إباء ومنه قوله تعالى في سورة براءة ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) ؛ ألا ترى أن ذلك استعمل هنا في مقام معارضة المشركين للتوحيد في سورة براءة في مقام معارضة أهل الكتاب للإسلام . وشدة الفريقين في كفرهم معلومة مكشوفة ولم يستعمل في قوله تعالى في سورة الصف ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ) .
والكفور : مصدر بمعنى الكفر . وتقديم نظير في سورة الإسراء أي أبوا إلا الإشراك بالله وعدم التذكر .
وقرأ الجمهور ( ليذكروا ) بتشديد الذال وتشديد الكاف مدغمة فيها التاء وأصله ليتذكروا . وقرأ حمزة والكسائي وخلف بسكون الذال وتخفيف الكاف مضمومة أي ليذكروا ما هم عنه غافلون .
A E