وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا المعنى أشمل في الذم لأنه يشمل عبادتهم الأصنام ويشمل غير ذلك من المنكرات والفواحش من أفعالهم . ونحا إليه ابن عباس وإلى هذا المعنى ذهب صاحب الكشاف وابن عطية . وكلا المعنيين ينبغي أن يكون محملا للآية .
واعلم أنه كان مجموع جملتي ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) كلاما واحدا متصلا ثانيه بأوله اتصال المفعول بعامله تعين فعل ( رأيت ) لأن يكون فعلا قلبيا بمعنى العلم وكان الاستفهام الذي في الجملة الأولى بقوله ( أرأيت ) إنكاريا كالثاني في قوله ( أفأنت تكون عليه وكيلا ) وكان مجموع الجملتين كلاما على طريقة الإجمال ثم التفصيل . والمعنى : أرأيتك تكون وكيلا على من اتخذ إلهه هواه وتكون الفاء في قوله ( أفأنت ) فاء الجواب للموصول لمعاملته معاملة الشرط وهمزة الاستفهام الثانية تأكيد للاستفهام الأول كقوله ( إذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون ) على قراءة إعادة همز الاستفهام وتكون جملة ( أفأنت تكون عليه وكيلا ) عوضا عن المفعول الثاني لفعل ( أرأيت ) والفعل معلق عن العمل فيه بسبب الاستفهام عن نحو قوله تعالى ( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ) وعليه لا يوقف على قوله ( هواه ) بل يوصل الكلام . وهذا النظم هو الذي مشى عليه كلام الكشاف .
وإن كانت كل جملة من الجملتين مستقلة عن الأخرى في نظم الكلام كان الاستفهام الذي في الجملة الأولى مستعملا في التعجيب من حال الذين اتخذوا إلههم هواهم تعجيبا مشوبا بالإنكار وكانت الفاء في الجملة الثانية للتفريع على ذلك التعجيب والإنكار وكان الاستفهام الذي في الجملة الثانية من قوله ( أفأنت تكون عليه وكيلا ) إنكاريا بمعنى : إنك لا تستطيع قلعه عن ضلاله كما أشار إليه قوله قبله ( من أضل سبيلا ) .
و ( من ) صادقة على الجمع المتحدث عنه في قوله ( وسوف يعلمون حين يرون العذاب ) وروعي في ضمائر الصلة لفظ ( من ) فأفردت الضمائر . والمعنى : من اتخذوا هواهم إلها لهم أو من اتخذوا آلهة لأجل هواهم .
و ( إله ) جنس يصدق بعدة آلهة إن أريد معنى اتخذوا آلهة لأجل هواهم . وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله ( أنت تكون عليه وكيلا ) للتقوي إشارة إلى إنكار ما حمل الرسول E نفسه من الحرص والحزن في طلب إقلاعهم عن الهوى كقوله تعالى ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) . والمعنى : تكون وكيلا عليه في حال إيمانه بحيث لا تفارق إعادة دعوته إلى الإيمان حتى تلجئه إليه .
( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعم بل هم أضل سبيلا [ 44 ] ) .
انتقال عن التأييس من اهتادئهم لغلبة الهوى على عقولهم إلى التحذير من أن يظن بهم إدراك الدلائل والحجج وهذا توجيه ثان للإعراض عن مجادلتهم التي أنبأ عنها قوله تعالى ( وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ) ف ( أم ) منقطعة للإضراب الانتقالي من إنكار على إنكار وهي مؤذنة باستفهام عطفته على الاستفهام الذي قبلها . والتقدير : أم أتحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون .
والمراد من نفي ( أن أكثرهم يسمعون ) نفي أثر السماع وهو فهم الحق لأن ما يلقيه الرسول A لا يرتاب فيه إلا من هو كالذي لم يسمعه . وهذا كقوله تعالى ( ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ) .
وعطف ( أو يعقلون ) على ( يسمعون ) لنفي أن يكونوا يعقلون الدلائل غير المقالية وهي دلائل الكائنات قال تعالى ( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) .
وإنما نفي فهم الأدلة السمعية والعقلية عن أكثرهم دون جميعهم لأن هذا حال دهمائهم ومقلديهم وفيهم معشر عقلاء يفهمون ويستدلون بالكائنات ولكنهم غلب عليهم حب الرئاسة وأنفوا من ان يعودوا أتباعا للنبي A ومساوين للمؤمنين من ضعفاء قريش وعبيدهم مثل عمار وبلال .
وجملة ( إن هم إلا كالأنعام ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأن ما تقدم إنكار أنهم يسمعون يثير في نفس السامعين سؤالا عن نفي فهمهم لما يسمعون مع سلامة حواس السمع منهم فكان تشبيههم بالأنعام تبيينا للجمع بين حصول اختراق أصوات الدعوى آذانهم مع عدم انتفاعهم بها لعدم تهيئهم للاهتمام بها فالغرض من التشبيه التقريب والإمكان كقول أبي الطيب :