وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( لو لا ) حرف امتناع لوجود أي امتناع وقوع جوابها لأجل وجود شرطها فتقتضي جوابا لشرطها والجواب هنا محذوف لدلالة ما قبل ( لو لا ) عليه وهو ( إن كاد ليضلنا ) . وفائدة نسبح الكلام على هذا المنوال دون أن يؤتي بأداة الشرط ابتداء متلوة بجوابها قصد العناية بالخبر ابتداء بأنه حاصل ثم يوتى بالشرط بعده تقييدا لإطلاق الخبر فالصناعة النحوية تعتبر المقدم دليل الجواب والجواب محذوفا لأن نظر النحوي لإقامة أصل التركيب ؛ فأما أهل البلاغة فيعتبرون ذلك للاهتمام وتقييد الخبر بعد إطلاقه ولذا قال في الكشاف : ( لولا ) في مثل هذا الكلام جار مجرى التقييد للحكم المطلق من حيث المعنى لا من حيث الصنعة ) فهذا شأن الشروط الواقعة بعد كلام مقصود لذاته كقوله تعالى ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) إلى قوله ( إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي ) فإن قوله ( إن كنتم ) قيد في المعنى للنهي عن موالاة أعداء الله . وتأخير الشرط ليظهر أنه قيد للفعل الذي هو دليل الجواب . قال في الكشاف ( إن كنتم خرجتم ) متعلق ب ( لا تتخذوا ) يعني : لا تتولوا إن كنتم أوليائي . وقول النحويين في مثله هو شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه ) اه . وكذلك ما قدم فيه على الشرط ما حقه أن يكون جوابا للشرط تقديما لقصد الاهتمام بالجواب كقوله تعالى ( قل فأتوا بالتوراة فأتلوها إن كنتم صادقين ) .
( وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا [ 42 ] ) .
هذا جواب قولهم ( إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لو لا أن صبرنا عليها ) المتضمن أنهم على هدى في دينهم وكان الجواب بقطع مجادلتهم وإحالتهم على حين رؤيتهم العذاب ينزل بهم فتضمن ذلك وعيدا بعذاب . والأظهر أن المراد عذاب السيف النازل بهم يوم بدر وممن رآه أبو جهل سيد أهل الوادي وزعيم القالة في ذلك النادي .
ولما كان الجواب بالإعراض عن المحاجة ارتكب فيه أسلوب التهكم بجعل ما ينكشف عنه المستقبل هو معرفة من هو أشد ضلال من الفريقين على طريقة المجاراة وإرخاء العنان للمخطئ إلى أن يقف على خطئه وقد قال أبو جهل يوم بدر وهو مثخن بالجراح في حالة النزع لما قال له عبد الله بن مسعود : أنت أبو جهل ؟ فقال ( وهل أعمد من رجل قتله قومه ) .
و ( من ) الاستفهامية أوجبت تعليق فعل ( يعلمون ) عن العمل .
( أرأيت من اتخذ إلهه هويه أفأنت تكون عليه وكيلا [ 43 ] ) .
استئناف خوطب به الرسول A فيما يخطر بنفسه من الحزن على تكرر إعراضهم عن دعوته إذ كان حريصا على هداهم والإلحاح في دعوتهم فأعلمه بأن مثلهم لا يرجى اهتداؤه لأنهم جعلوا هواهم إلههم فالخطاب للرسول A .
وفعل ( اتخذ ) يتعدى إلى مفعولين وهو من أفعال التصيير الملحقة بأفعال الظن في العمل وهو إلى باب كسا وأعطى أقرب منه إلى باب ظن فإن ( اتخذ ) معناه صير شيئا إلى حالة غير ما كان عليه أو إلى صورة أخرى . والأصل فيه أن مفعوله الأول هو الذي أدخل عليه التغيير إلى حال المفعول الثاني فكان الحق أن لا يقدم مفعوله الثاني على مفعوله الأول إلا إذا لم يكن في الكلام لبس يلتبس فيه المعنى فلا يدري أي المفعولين وقع تغييره إلى مدلول المفعول الآخر أو كان المعنى الحاصل من التقديم مساويا للمعنى الحاصل من الترتيب في كونه مرادا للمتكلم .
فقوله تعالى ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) إذا أجري على الترتيب كان معناه جعل إلهه الشيء الذي يهوى عبادته أي ما يحب أن يكون إلها له أي لمجرد الشهوة لا لأن إلهه مستحق للإلهية فالمعنى : من اتخذ ربا له محبوبه فإن الذين عبدوا الأصنام كانت شهوتهم في أن يعبدوها وليست لهم حجة على استحقاقها العبادة . فإطلاق ( إلهه ) على هذا الوجه إطلاق حقيقي . وهذا يناسب قوله قبله ( إن كاد ليضلنا عن الهتنا ) ومعناه منقول عن سعيد بن جبير . واختاره ابن عرفة في تفسيره وجزم بأنه الصواب دون غيره وليس جزمه بذلك بوجيه وقد بحث معه بعض طلبته .
وإذا أجري على اعتبار تقديم المفعول الثاني كان المعنى : من اتخذ هواه قدوة له في أعماله لا يأتي عملا إلا إذا كان وفاقا لشهوته فكأن هواه إلهه . وعلى هذا يكون معنى ( إلهه ) شبيها بإلهه في إطاعته على طريقة التشبيه البليغ .
A E