وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما جرى الوعيد والتسلية بذكر حال المكذبين للرسول E عطف على ذلك تمثيلهم بالأمم المكذبين رسلهم ليحصل من ذلك موعظة هؤلاء وزيادة تسلية الرسول والتعريض بوعده بالانتصار له .
A E وابتدئ بذكر موسى وقومه لأنه أقرب زمنا من الذين ذكروا بعده ولأن بقايا شرعه وأمته لم تزل معروفة عند العرب فإن صح ما روي أن الذين قالوا : ( لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) اليهود فوجه الابتداء بذكر ما أوتى موسى أظهر .
وحرف التحقيق ولام القسم لتأكيد الخبر باعتبار ما يشتمل عليه من الوعيد بتدميرهم . وأريد بالكتاب الوحي الذي يكتب ويحفظ وذلك من أول ما ابتدئ بوحيه إليه وليس المراد بالكتاب الألواح لأن إيتاءه الألواح كان بعد زمن قوله ( اذهبا إلى القوم ) فقوله ( فقلنا اذهبا ) مفرع عن إيتاء الكتاب فالإيتاء متقدم عليه .
وفي وصف الوحي بالكتاب تعريض بجهالة المشركين القائلين ( لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) فإن الكتب التي أوتيها الرسل ما كانت إلا وحيا نزل منجما فجمعه الرسل وكتبه أتباعهم .
والتعريض هنا إلى تأييد موسى بهارون وتعريض بالرد على المشركين إذ قالوا ( لو لا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ) فإن موسى لما اقتضت الحكمة تأييده لم يؤيد بملك ولكنه أيد برسول مثله .
والوزير : المؤازر وهو المعاون المظاهر مشتق من الأزر وهو القوة . وأصل الأزر : شد الظهر بإزار عند الإقبال على عمل ذي تعب وقد تقدم في سورة طه . وكان هارون رسولا ثانيا وموسى هو الأصل . والقوم هم قبط مصر قوم فرعون .
والذين كذبوا بآياتنا وصف للقوم وليس هو من المقول لموسى وهارون لأن التكذيب حينئذ لما يقع منهم ولكنه وصف لإفادة قراء القرآن أن موسى وهارون بلغا الرسالة وأظهر الله منها الآيات فكذب بها قوم فرعون فاستحقوا التدمير تعريضا بالمشركين في تكذيبهم محمدا A وتمهيدا للتفريع ب ( دمرناهم تدميرا ) الذي هو المقصود من الموعظة والتسلية .
والموصول في قوله ( الذين كذبوا بآياتنا ) للإيماء إلى علة الخبر عنهم بالتدمير .
وقد حصل بهذا النظم إيجاز عجيب اختصرت به القصة فذكر منها حاشيتاها : أولها وآخرها لأنهما المقصود بالقصة وهو استحقاق الأمم التدمير بتكذيبهم رسلهم .
والتدمير : الإهلاك والهلاك : دمور .
وإتباع الفعل بالمفعول المطلق لما في تنكير المصدر من تعظيم التدمير وهو الإغراق في اليم .
( وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقنهم وجعلنهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما [ 37 ] ) .
عطف على جملة ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) باعتبار أن المقصود وصف قومه بالتكذيب والإخبار بالتدمير .
وانتصب ( قوم نوح ) بفعل محذوف يفسره ( أغرقناهم ) على طريقة الاشتغال . ولا يضر الفصل بكلمة ( لما ) لأنها كالظرف وجوابها محذوف دل عليه مفسر الفعل المحذوف . وفي هذا النظم اهتمام بقوم نوح لأن حالهم هو محل العبرة فقدم ذكرهم ثم أكد بضميرهم .
ويجوز أن يكون ( قوم نوح ) عطفا على ضمير النصب في قوله ( فدمرناهم ) أي ودمرنا قوم نوح وتكون جملة ( لما كذبوا الرسل أغرقناهم ) مبينة لجملة ( دمرناهم ) .
والآية : الدليل أي جعلناهم دليلا على مصير الذين يكذبون رسلهم . وجعلهم آية : هو تواتر خبرهم بالغرق آية .
وجعل قوم نوح مكذبين الرسل مع أنهم كذبوا رسولا واحدا لأنهم استندوا في تكذيبهم رسولهم إلى إحالة أن يرسل الله بشرا لأنهم قالوا ( ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ) فكان تكذيبهم مستلزما تكذيب عموم الرسل ولأنهم أول من كذب رسولهم فكانوا قدوة للمكذبين من بعدهم .
وقصة قوم نوح تقدمت في سورة الأعراف وسورة هود .
وجملة ( وأعتدنا للظالمين عذابا أليما ) عطف على ( أغرقناهم ) . والمعنى : عذبناهم في الدنيا بالغرق وأعتدنا لهم عذابا أليما في الآخرة . ووقع الإظهار في مقام الإضمار فقيل ( للظالمين ) عوضا عن : أعتدنا لهم لإفادة أن عذابهم جزاء على ظلمهم بالشرك وتكذيب الرسول .
( وعادا وثمودا وأصحب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا [ 38 ] وكلا ضربنا له الأمثل وكلا تبرنا تتبيرا [ 39 ] )