وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والترتيل يجوز أن يكون حالة لنزول القرآن أي نزلنا مفرقا منسقا في ألفاظه ومعانيه غير متراكم فهو مفرق في الزمان فإذا كمل إنزال سورة جاءت آياتها مرتبة متناسبة كأنها أنزلت جملة واحدة ومفرق في التأليف بأنه مفصل واضح . وفي هذا إشارة إلى أن ذلك من دلائل أنه من عند الله لأن شأن كلام الناس إذا فرق تأليفه على أزمنة متباعدة أن يعتوره التفكك وعدم تشابه الجمل .
ويجوز أن يراد ب ( رتلناه ) أمرنا بترتيله أي بقراءته مرتلا أي بتمهل بأن لا يعجل في قراءته بأن تبين جميع الحروف والحركات بمهل وهو المذكور في سورة المزمل في قوله تعالى ( ورتل القرآن ترتيلا ) .
و ( ترتيلا ) مصدر منصوب على المعفول المطلق قصد به ما في التنكير من معنى التعظيم فصار المصدر مبنيا لنوع الترتيل .
( ولا يأتونك بمثل إلا جئنك بالحق وأحسن تفسيرا [ 33 ] ) .
لما استقصى أكثر معاذيرهم وتعللاتهم وألقمهم أحجار الرد إلى لهواتهم عطف على ذلك فذلكة جامعة تعم ما تقدم وما عسى أن يأتوا به من الشكوك والتمويه بأن كل ذلك مدحوض بالحجة الواضحة الكاشفة لترهاتهم .
والمثل : المشابه . وفعل الإتيان مجاز في أقوالهم والمحاجة به وتنكير ( مثل ) في سياق النفي للتعميم أي بكل مثل . والمقصود : مثل من نوع ما تقدم من أمثالهم المتقدمة ابتداء من قوله ( وقال الذي كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ) ( وقالوا أساطير الأولين ) بقرينة سوق هذه الجملة عقب استقصاء شبهتهم ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ) ( وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحور ) ( وقال الذين لا يرجون لقاءنا لو لا أنزل علينا الملائكة ) ( وقال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) . ودل على إرادة هذا المعنى من قوله ( بمثل ) قوله آنفا ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال ) عقب قوله ( وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) . وتعدية فعل ( يأتونك ) إلى ضمير النبي A لإفادة أن إتيانهم الأمثال يقصدون به أن يفحموه .
والإتيان مستعمل مجازا في الإظهار . والمعنى : لا يأتونك بشبه يشبهون به حالا من أحوالك يبتغون إظهار أن حالك لا يشبه حال رسول من الله إلا أبطلنا تشبيههم وأريناهم أن حالة الرسالة عن الله لا تلازم ما زعموه سواء كان ما أتوا به تشبيها صريحا بأحوال غير الرسل كقولهم ( أساطير الأولين أكتتبها ) وقولهم ( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) وقولهم ( إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) أم كان نفي مشابهة حاله بأحوال الرسل في زعمهم فإن نفي مشابهة الشيء يقتضي إثبات ضده كقولهم ( لو لا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا ) وكذلك قولهم ( لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) إذا كانوا قالوه على معنى أنه مخالف لحال نزول التوراة والإنجيل . فهذا نفي تمثيل حال الرسول A بحال الرسل الأسبقين في زعمهم ويدخل في هذا النوع ما يزعمون أنه تقتضيه النبوءة من المكانة عند الله أن يسأله فيجاب إليه كقولهم ( لو لا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها ) .
وصيغة المضارع في قوله ( ولا يأتونك ) تشمل ما عسى أن يأتوا به من هذا النوع كقولهم ( أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ) .
والاستثناء في قوله ( إلا جئناك بالحق ) استثناء من أحوال عامة يقتضيها عموم الأمثال لأن عموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال .
وجملة ( جئناك ) حالية كما تقدم في قوله ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا إنهم ليأكلون الطعام ) .
قوله ( جئناك بالحق ) مقابل قوله ( لا يأتونك بمثل ) وهو مجيء مجازي ومقابلة ( جئناك بالحق ) لقوله ( ولا يأتونك بمثل ) إشارة إلى أن ما يأتون به باطل . مثال ذلك أن قولهم ( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) أبطله قوله ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) .
والتعبير في جانب ما يؤيده الله من الحجة ب ( جئناك ) دون : أتيناك كما عبر عما يجيئون به ب ( يأتونك ) إما لمجرد التفنن وإما لأن فعل الإتيان إذا استعمل مجازا كثر فيما يسوء وما يكره كالوعيد والهجاء قال شقيق بن شريك الأسدي : .
أتاني من أبي أنس وعيد ... فسل لغيظة الضحاك جسمي وقول النابغة :