وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والداعي إلى الكناية بفلان إما قصد إخفاء اسمه خيفة عليه أو خيفة من أهلهم أو للجهل به أو لعدم الفائدة لذكره أو لقصد نوع من له اسم علم . وهذان الأخيران هما اللذان يجريان في هذه الآية إن حملت على إرادة خصوص عقبة وأبي أو حملت على إرادة كل مشرك له خليل صده عن اتباع الإسلام .
وإنما تمنى أن لا يكون اتخذه خليلا دون تمني أن يكون عصاه فيما سول له قصدا للاشمئزاز من خلته من أصلها إذ كان الإضلال من أحوالها .
وفيه إيماء إلى أن شان الخلة الثقة بالخليل وحمل مشورته على النصح فلا ينبغي أن يضع المرء خلته إلا حيث يوقن بالسلامة من إشارات السوء قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ) فعلى من يريد اصطفاء خليل أن يسير سيرته في خويصته فإنه سيحمل من يخاله عل ما يسير به لنفسه وقد قال خالد بن زهير وهو ابن أخت أبي ذؤيب الهذلي : .
" فأول راض سنة من يسيرها وهذا عندي هو محمل قول النبي A : ( لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ) فإن مقام النبوءة يستدعي من الأخلاق ما هو فوق مكارم الأخلاق المتعارفة في الناس فلا يليق به إلا متابعة ما لله من الكمالات بقدر الطاقة ولهذا قالت عائشة : كان خلقه القرآن . وعلمنا بهذا أن أبا بكر أفضل الأمة مكارم أخلاق بعد النبي A لأن النبي جعله المخير لخلته لو كان متخذا خليلا غير الله .
وجملة ( لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني ) تعليلة لتمنيه أن لا يكون اتخذ فلانا خليلا بأنه قد صدر عن خلته أعظم خسران لخليله إذ أضله عن الحق بعد أن كاد يتمكن منه .
وقوله ( أضلني عن الذكر ) معناه سول لي الانصراف عن الحق . والضلال : إضاعة الطريق وخطؤه بحيث يسلك طريقا غير المقصود فيقع في غير المكان الذي أراده وإنما وقع في أرض العدو أو في مسبعة . ويستعار الضلال للحياد عن الحق والرشد إلى الباطل والسفه كما يستعار ضده وهو الهدى ( الذي هو إصابة الطريق ) لمعرفة الحق والصواب حتى تساوى المعنيان الحقيقان والمعنيان المجازيان لكثرة الاستعمال ولذلك سموا الدليل الذي يسلك بالركب الطريق المقصود هاديا .
والإضلال مستعار هنا للصرف عن الحق لمناسبة استعاره السبيل لهدى الرسول وليس مستعملا هنا في المعنى الذي غلب على الباطل بقرينة تعديته بحرف ( عن ) في قوله ( عن الذكر ) فإنه لو كان الإضلال هو تسويل الضلال لما احتاج إلى تعديته ولكن أريد هنا متابعة التمثيل السابق . ففي قوله ( أضلني ) مكنية تقتضي تشبيه الذكر بالسبيل الموصول إلى المنجى وإثبات الإضلال عنه تخييل كإثبات الأظفار للمنية فهذه نكت من بلاغة نظم الآية .
والذكر : هو القرآن أي نهاني عن التدبر فيه والاستماع له بعد أن قاربت فهمه .
والمجيء في قوله ( إذ جاءني ) مستعمل في إسماعه القرآن فكأن القرآن جاء حل عنده . ومنه قولهم : أتاني نبأ كذا قال النابغة : .
" أتاني أبيت اللعن أنك لمتني A E فإذا حمل الظالم في قوله ( ويوم يعض الظالم على يديه ) على معين وهو عقبة ابن أبي معيط فمعنى مجيء الذكر إياه أنه كان يجلس إلى النبي A ويأنس إليه حتى صرفه عن ذلك أبي بن خلف وحمله على عداوته وأذاته وإذا حمل الظالم على العموم فمجيء الذكر هو شيوع القرآن بينهم وإمكان استماعهم إياه . وإضلال خلانهم إياهم صرف كل واحد خليله عن ذلك وتعاون بعضهم على بعض في ذلك .
وقيل الذكر : كلمة الشهادة بناء على تخصيص الظالم بعقبة بن أبي معيط كما تقدم وتأتي في ذلك الوجوه المتقدمة ؛ فإن كلمة الشهادة لما كانت سبب النجاة مثلت بسبيل الرسول الهادي ومثل الصرف عنها بالإضلال عن السبيل .
و ( إذ ) ظرف للزمن الماضي أي بعد وقت جاءني فيه الذكر والإتيان بالظرف هنا دون أن يقال : بعد ما جاءني أو بعد أن جاءني للإشارة إلى شدة التمكن من الذكر لأنه قد استقر في زمن وتحقق ومنه قوله تعالى ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم ) أي تمكن هديه منهم