وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن أهل الشرك شهدوا أنفسهم بإنكار البعث وتوهموا أن شبهتهم في إنكاره أقوى حجة لهم في تكذيب الرسل فمن أجل ذلك أيضا جعل قولهم ذلك طريقا لتعريفهم بالموصول كما قال تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله ) في سورة يونس .
و ( لولا ) حرف تحضيض مستعمل في التعجيز والاستحالة أي هلا أنزل علينا الملائكة فنؤمن بما جئت به يعنون أنه إن كان صادقا فليسأل من ربه وسيلة أخرى لإبلاغ الدين إليهم .
ومعنى ( لا يرجون ) لا يظنون ظنا قريبا أي يعدون لقاء الله محالا . ومقصدهم من مقالهم أنهم أعلى من أن يتلقوا الدين من رجل مثلهم ولذلك عقب بقوله ( لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) على معنى التعجيب من ازدهائهم وغرورهم الباطل .
والجملة استئناف يتنزل منزلة جواب عن قولهم . والتأكيد بلام القسم لإفادة معنى التعجيب لأن القسم يستعمل في التعجب كقول أحد بني كلاب أو بني نمير أنشده ثعلب في مجالسه والقالي في أماليه : .
ألا يا سنا برق على قلل الحمى ... لهنك من برق علي كريم فإن قوله : من برق في قوة التمييز وإنما يكون التمييز فيه لما فيه من معنى التعجب .
والاستكبار : مبالغة في التكبر فالسين والتاء للمبالغة مثل استجاب .
و ( في ) للظرفية المجازية ؛ شبهت أنفسهم بالظروف في تمكن المظروف منها أي هو استكبار متمكن منهم كقوله تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) .
ويجوز أن تكون ( في ) للتعليل كما في الحديث ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها ) الحديث أي استكبروا لأجل عظمة أنفسهم في زعمهم . وليست الظرفية حقيقية لقلة جدوى ذلك ؛ إذ من المعلوم أن الاستكبار لا يكون إلا في النفس لأنه من الأفعال النفسية .
والعتو : تجاوز الحد في الظلم وتقدم في قوله تعالى ( وعتوا عن أمر ربهم ) في الأعراف . وإنما كان هذا ظلما لأنهم تجاوزوا مقدار ما خولهم الله من القابلية .
وفي هذا إيماء إلى أن النبوة لا تكون بالاكتساب وإنما هي إعداد من الله تعالى قال ( الله أعلم حيث يجعل رسالاته ) .
( يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا [ 22 ] ) .
استئناف ثان جواب عن مقالتهم فبعد إبداء التعجيب منها عقب بوعيد لهم فيه حصول بعض ما طلبوا حصوله الآن أي هم سيرون الملائكة ولكنها رؤية تسوءهم حين يرون زبانية العذاب يسوقونهم إلى النار ففي هذا الاستئناف تمليح وتهكم بهم لأن ابتداءه مطمع بالاستجابة وآخره مؤيس بالوعيد فالكلام جرى على طريقة الغيبة لأنه حكاية عن توركهم والمقصود إبلاغه لهم حين يسمعونه . وانتصب ( يوم يرون ) على الظرفية ل ( لا بشرى ) . وتقديم الظرف للاهتمام به لإثارة الطمع وللتشويق إلى تعيين إبانه حتى إذا ورد ما فيه خيبة طمعهم كان له وقع الكآبة على نفوسهم حينما يسمعونه .
وإعادة ( يومئذ ) تأكيد .
وذكر وصف المجرمين إظهار في مقام الإضمار للتسجيل عليهم بأنهم مجرمون بعد أن وصفوا بالكفر والظلم واليأس من لقاء الله . وانتفاء البشرى مستعمل في إثبات ضده وهو الحزن .
و ( حجر ) " بسكر الحاء وسكون الجيم ويقال بفتح الحاء وضمها على الندرة " فهي كلمة يقولونها عند رؤية ما يخاف من إصابته بمنزلة الاستعاذة . قال الخليل وأبو عبيدة : كان الرجل إذا رأى الرجل الذي يخاف منه أن يقتله في الأشهر الحرم يقول له : حجرا محجورا أي حرام قتلي وهي عوذة .
A E و ( حجر ) مصدر : حجره إذا منعه قال تعالى ( وحرث حجر ) وهو في هذا الاستعمال لازم النصب على المفعول المطلق المنصوب بفعل مضمر مثل : معاذ الله وأما رفعه في قول الراجز : .
قال فيها حيدة وذعر ... عوذ بربي منكم وحجر فهو تصرف فيه ولعله عند سيبويه ضرورة لأنه لم يذكر الرفع في استعمال هذه الكلمات في هذا الغرض وهو الذي حكاه الراجز . وأما رفع ( حجر ) في غير حالة استعماله للتعوذ فلا مانع منه لأنه الأصل وقد جاء في القرآن منصوبا لا على المفعولية المطلقة في قوله تعالى ( وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ) فإنه معطوف على مفعول ( جعل ) وسننبه عليه قريبا