وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( ليأكلون الطعام ) في موضع الحال لأن المستثنى منه عموم الأحوال . والتقدير : وما أرسلنا قبلك من المرسلين في حال إلا في حال ( إنهم ليأكلون الطعام ) . والتوكيد ب ( إن ) واللام لتحقيق وقوع الحال تنزيلا للمشركين في تناسيهم أحوال الرسل منزلة من ينكر أن يكون الرسل السابقون يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق . ولم تقترن جملة الحال بالواو لأن وجود أداة الاستثناء كاف في الربط ولا سيما وقد تأكد الربط بحرف التوكيد فلا يزاد حرف آخر فيتوالى إلى أربعة حروف وهي : إلا وإن واللام ويزاد الواو بخلاف قوله تعالى ( وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ) . وقوله ( وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ) .
وإنما أبقى الله الرسل على الحالة المعتادة للبشر فيما يرجع إلى أسباب الحياة المادية إذ لا حكمة في تغيير حالهم عن ذلك وإنما يغير الله حياتهم النفسية لأن في تغييرها إعداد نفوسهم لتلقي الفيوضات الإلهية .
ولله تعالى حفاظ على نواميس نظام الخلائق والعوالم لأنه ما خلقها عبثا فهو لا يغيرها إلا بمقدار ما تتعلق به إرادته من تأييد الرسل بالمعجزات ونحو ذلك .
( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا [ 20 ] .
تذييل فضمير الخطاب في قوله ( بعضكم ) يعم جميع الناس بقرينة السياق وكلا البعضين مبهم يبينه المقام . وحال الفتنة في كلا البعضين مختلف فبعضها فتنة في العقيدة وبعضها فتنة في الأمن وبعضها فتنة في الأبدان .
والإخبار عنه ب ( فتنة ) مجازي لأنه سبب الفتنة وشمل أحد البعضين النبي A والمؤمنين معه والبعض الآخر المشركين ؛ فكان حال الرسول فتنة للمشركين إذ زعموا أن حاله مناف للرسالة فلم يؤمنوا به وكان حال المؤمنين في ضعفهم فتنة للمشركين إذ ترفعوا عن الإيمان الذي يسويهم بهم فقد كان أبو جهل والوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وإضرابهم يقولون : إن أسلمنا وقد أسلم قبلنا عمار بن ياسر وصهيب وبلال ترفعو علينا إدلالا بالسابقة . وهذا كقول صناديد قوم نوح لا نؤمن حتى تطرد الذي آمنوا بك فقال : ( وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ) .
وقال تعالى للنبي A ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ) .
والكلام تسلية للنبي A عن إعراض بعض قومه عن الإسلام ولذلك عقب بقوله ( أتصبرون ) وهو استفهام مستعمل في الحث والأمر كقوله ( فهل أنتم منتهون ) .
وموقع ( وكان ربك بصيرا ) موقع الحث على الصبر المأمور به أي هو عليهم بالصابرين وإيذان بأن الله لا يضيع جزاء الرسول على ما يلاقيه من قومه وأنه ناصره عليهم .
وفي الإسناد إلى وصف الرب مضافا إلى ضمير النبي إلماع إلى هذا الوعد فإن الرب لا يضيع أولياءه كقوله ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) أي النصر المحقق .
A E ( وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا [ 21 ] ) .
حكاية مقالة أخرى من مقالات تكذيبهم الرسول E وقد عنون عليها في هذه المقالة ب ( الذين لا يرجون لقاءنا ) وعنون عليهم في المقالات السابقة ب ( الذين كفروا ) وب ( الظالمون ) لأن بين هذا الوصف وبين مقالتهم انتقاض فهم كذبوا بلقاء الآخرة بما فيه من رؤية الله والملائكة وطلبوا رؤية الله في الدنيا ونزول الملائكة عليهم في الدنيا وأرادوا تلقي الدين من الملائكة أو من الله مباشرة فكان في حكاية قولهم وذكر وصفهم تعجيب من تناقض مداركهم