وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجعل إزجاؤهم إلى النار من مكان بعيد زيادة في النكاية بهم لأن بعد المكان يقتضي زيادة المشقة إلى الوصول ويقتضي طول الرعب مما سمعوا .
ووصف وصولهم إلى جهنم من مكان بعيد ووضعهم فيها بقوله ( وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا ) فصيغ نظمه في صورة توصيف ضجيج أهل النار من قوله ( دعوا هنالك ثبورا ) وأدمج في خلال ذلك وصف داخل جهنم ووصف وضع المشركين فيها بقوله ( مكانا ضيقا ) وقوله ( مقرنين ) تفننا في أسلوب الكلام .
والإلقاء : الرمي وهو هنا كناية عن الإهانة .
وانتصب ( مكانا ) على نزع الخافض أي في مكان ضيق .
وقرأ الجمهور ( ضيقا ) بتشديد الياء . وقرأه ابن كثير ( ضيقا ) بسكون الياء وكلاهما للمبالغة في الوصف مثل : ميت وميت لأن الضيق بالتشديد صيغة تمكن الوصف من الموصوف والضيق بالسكون وصف بالمصدر .
و ( مقرنين ) حال من ضمير ( ألقوا ) أي مقرنا بعضهم في بعض كحال الأسرى والمساجين أن يقرن عدد منهم في وثاق واحد كما قال تعالى ( وآخرين مقرنين في الأصفاد ) . والمقرن : المقرون صيغت له مادة التفعيل للإشارة إلى شدة القرن .
والدعاء : النداء بأعلى الصوت والثبور : الهلاك أي نادوا : يا ثبورنا أو واثبوراه بصيغة الندبة وعلى كلا الاحتمالين فالنداء كناية عن التمني أي تمنوا حلول الهلاك فنادوه كما ينادي من يطلب حضوره أو ندبوه كما يندب من يتحسر على فقده أي تمنوا الهلاك للاستراحة من فضيع العذاب .
وجملة ( لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا ) إلى آخرها مقولة لقول محذوف أي يقال لهم ووصف الثبور بالكثير إما لكثرة ندائه بالتكرير وهو كناية عن عدم حصول الثبور لأن انتهاء النداء يكون بحضور المنادى أو هو يأس يقتضي تكرير التمني أو التحسر .
( قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا [ 15 ] لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسؤلا [ 16 ] ) .
الأمر بالقول يقتضي مخاطبا مقولا لهم ذلك فيجوز ان يقصد : قل لهم أي للمشركين الذين يسمعون الوعيد والتهديد السابق : أذلك خير أم الجنة ؟ فالجمل متصلة السياق والاستفهام حينئذ للتهكم إذ لا شبهة في كون الجنة الموصوفة خيرا . ويجوز أن يقصد : قل للمؤمنين فالجملة معترضة بين آيات الوعيد لمناسبة إبداء البون بين حال المشركين وحال المؤمنين . والاستفهام حينئذ مستعمل في التلميح والتلطف . وهذا كقوله ( أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ) في سورة الصافات .
والإشارة إلى المكان الضيق في جهنم .
و ( خير ) اسم تفضيل وأصله أخير بوزن اسم التفضيل فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال . والتفضيل على المحمل الأول في موقع الآية مستعمل للتهكم بالمشركين وعلى المحمل الثاني مستعمل للتلميح في خطاب المؤمنين وإظهار المنة عليهم .
ووصف الموعودين بأنهم متقون على المحمل الأول جار على مقتضى الظاهر على المحمل الثاني جار على خلاف مقتضى الظاهر لأن مقتضى الظاهر أن يوتى بضمير الخطاب فوجه العدول إلى الإظهار ما يفيده ( المتقون ) من العموم للمخاطبين ومن يجيء بعدهم .
A E وجملة ( كانت لهم جزاء ومصيرا ) تذييل لجملة ( جنة الخلد التي وعد المتقون ) لما فيها من التنويه بشأن الجنة بتنكير ( جزاء ومصيرا ) مع الإيماء إلى أنهم وعدوا بها وعد مجازاة على نحو قوله تعالى ( نعم الثواب وحسنت مرتفقا ) وقوله ( بيس الشراب وساءت مرتفقا ) في سورة الكهف .
وجملة ( لهم فيها ما يشاءون ) حال من ( جنة الخلد ) أو صفة ثانية . وجملة ( كان على ربك وعدا مسؤولا ) حال ثانية والرابط محذوف إذ التقدير : وعدا لهم .
والضمير المستتر في ( كان على ربك وعدا ) عائدا إما إلى الوعد المفهوم من قوله ( التي وعد المتقون ) أي كان الوعد وعدا مسؤولا . وأخبر عن الوعد ب ( وعدا ) وهو عينه ليبنى عليه ( مسؤولا ) .
ويجوز أن يعود الضمير إلى ( ما يشاءون ) والإخبار عنه ب ( وعدا ) من الإخبار بالمصدر والمراد المفعول كالخلق بمعنى المخلوق .
ويتعلق ( على ربك ) ب ( وعدا ) لتضمين ( وعدا ) معنى ( حقا ) لإفادة أنه ( وعدا ) لا يخلف كقوله تعالى ( وعدا علينا إنا كنا فاعلين )