وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأصل المعنى : تبارك الذي جعل لك خيرا من ذلك جنات إلى آخره . ويساعد هذا قراءة ابن كثير وابن عامر وأبي بكر عن عاصم ( ويجعل لك قصورا ) برفع ( يجعل ) على الاستئناف دون إعمال حرف الشرط وقراءة الأكثر بالجزم عطفا على فعل الشرط وفعل الشرط محقق الحصول بالقرينة وهذا المحمل أشد تبكيتا للمشركين وقطعا لمجادلتهم وقرينة ذلك قوله بعده ( بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) وهو ضد ومقابل لما أعده لرسوله والمؤمنين .
والقصور : المباني العظيمة الواسعة على وجه الأرض وتقدم في قوله ( تتخذون من سهولها قصورا ) في سورة الأعراف وقوله ( وقصر مشيد ) في سورة الحج .
( بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا [ 11 ] ) .
( بل ) للإضراب فيجوز أن يكون إضراب انتقال من ذكر ضلالهم في صفة الرسول A إلى ذكر ضلالهم في إنكار البعث على تأويل الجمهور قوله ( إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ) كما تقدم .
ويجوز أن يكون إضراب إبطال لما تضمنه قوله ( إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ) على تأويل ابن عطية من الوعد بإيتائه ذلك في الآخرة أي بل هم لا يقنعون بأن حظ الرسول عند ربه ليس في متاع الدنيا الفاني الحقير ولكنه في خيرات الآخرة الخالدة غير المتناهية أي أن هذا رد عليهم ومقنع لهم لو كانوا يصدقون بالساعة ولكنهم كذبوا بها فهم متمادون على ضلالهم لا تقنعهم الحجج .
والساعة : اسم غلب على عالم الخلود تسمية باسم مبدئه وهو ساعة البعث . وإنما قصر تكذيبهم على الساعة لأنهم كذبوا بالبعث فهم بما وراءه أحرى تكذيبا .
وجملة ( واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) معترضة بالوعيد لهم وهو لعمومه يشمل المشركين المتحدث عنهم فهو تذييل . ومن غرضه مقابلة ما أعد الله للمؤمنين في العاقبة بما أعده للمشركين .
والسعير : الالتهاب وهو فعيل بمعنى مفعول أي مسعور أي زيد فيها الوقود وهو معامل معاملة المذكر لأنه من أحوال اللهب وتقدم في قوله تعالى ( كلما خبت زدناهم سعيرا ) في سورة الإسراء . وقد يطلق علما بالغلبة على جهنم وذلك على حذف مضاف أي ذات سعير .
( إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا [ 12 ] وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا [ 13 ] لا تدعوا اليوم ثبورا وحدا وادعوا ثبورا كثيرا [ 14 ] ) .
تخلص من اليأس من اقتناعهم إلى وصف السعير الذي أعد لهم وأجري على السعير ضمير ( رأتهم ) بالتأنيث لتأويل السعير بجهنم إذ هو علم عليها بالغلبة كما تقدم .
وإسناد الرؤية إلى النار استعارة . والمعنى : إذا سيقوا إليها فكانوا من النار بمكان ما يرى الرائي من وصل إليه سمعوا لها تغيظا وزفيرا من مكان بعيد ويجوز أن يكون معنى ( رأتهم ) رآهم ملائكتها أطلقوا منافذها فانطلقت ألسنتها بأصوات اللهيب كأصوات المتغيظ وزفيره فيكون إسناد الرؤية إلى جهنم مجازا عقليا .
والتغيظ : شدة الغيظ . والغيظ : الغضب الشديد وتقدم عند قوله ( عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ) في سورة آل عمران . فصيغة التفعل هنا الموضوعة في الأصل لتكلف الفعل مستعملة مجازا في قوته لأن المتكلف لفعل يأتي به كأشد ما يكون .
A E والمراد به هنا صوت المتغيظ بقرينة تعلقه بفعل ( سمعوا ) فهو تشبيه بليغ .
والزفير : امتداد النفس من شدة الغيظ وضيق الصدر أي صوتا كالزفير فهو تشبيه بليغ أيضا . ويجوز أن يكون الله قد خلق لجهنم إدراكا للمرئيات بحيث تشدد أحوالها عند انطباع المرئيات فيها فتضطرب وتفيض وتتهيأ لالتهام بعثها فتحصل منها أصوات التغيظ والزفير فيكون إسناد الرؤية والتغيظ والزفير حقيقة وأمور العالم الأخرى لا تقاس على الأحوال المتعارفة في الدنيا .
وعلى هذين الاحتمالين يحمل ما ورد في القرآن والحديث نحو قوله تعالى ( يوم يقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) يقول النبي A : ( اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الصيف ونفس في الشتاء ) رواه في الموطأ . زاد في رواية مسلم ( فما ترون من شدة البرد فذلك من زمهريرها وما ترون من شدة الحر فهو من سمومها )