وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وكتبت لام ( مال هذا ) منفصلة عن اسم الإشارة الذي بعدها في المصحف الإمام فاتبعته المصاحف لأن رسم المصحف سنة فيه كما كتب ( مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ) في سورة الكهف وكما كتب ( مال الذين كفروا قبلك مهطعين ) في سورة سال سائل كما كتب ( فمال هؤلاء القوم ) في سورة النساء . ولعل وجه هذا الانفصال أنه طريقة رسم قديم كانت الحروف تكتب منفصلا بعضها عن بعض ولا سيما حروف المعاني فعاملوا ما كان على حرف واحد معاملة ما كان على حرفين فبقيت على يد أحد كتاب المصحف آثاره من ذلك وأصل حروف الهجاء كلها الانفصال وكذلك هي في الخطوط القديمة للعرب وغيرهم . وكان وصل حروف الكلمة الواحدة تحسينا للرسم وتسهيلا لتبادر المعنى وأما ما كان من كلمتين فوصله اصطلاح . وأكثر ما وصلوا منه الكلمة الموضوعة على حرف واحد مثل حروف القسم أو كالواحد مثل ( ال ) .
( وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا [ 8 ] انظر كيف ضربوا لك الأمثل فضلوا فلا يستطيعون سبيلا [ 9 ] ) الظالمون : هم المشركون فغير عنوانهم الأول إلى عنوان الظلم وهم هم تنبيها على أن في هذا القول اعتداء على الرسول بنبزه بما هو بريء منه وهم يعلمون أنه ليس كذلك فظلمهم له أشد ظلم و A .
ذكر الماوردي : أن قائل ( إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) هو عبد الله ابن الزبعرى أي هو مبتكر هذا البهتان وإنما أسند القول إلى جميع الظالمين لأنهم تلقفوه ولهجوا به .
والمسحور : الذي أصابه السحر وهو يورث اختلال العقل عندهم أي ما تتبعون إلا رجلا أصابه خلل العقل فهو يقول ما لا يقول مثله العقلاء .
وذكر ( رجلا ) هنا لتمهيد استحالة كونه رسولا لأنه رجل من الناس . وهذا الخطاب خاطبوا به المسلمين الذين اتبعوا النبي A .
ومعنى ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا ) : أنهم ضربوا لك الأمثال الباطلة بأن مثلوك برجل مسحور .
وقوله ( انظر ) مستعار لمعنى العلم تشبيها للأمر المعقول بالأمر المرئي لشدة وضوحه .
و ( كيف ) اسم للكيفية والحالة مجرد هنا عن معنى الاستفهام .
وفرع على هذا التعجيب إخبار عنهم بأنهم ضلوا في تلفيق المطاعن في رسالة الرسول فسلكوا طرائق لا تصل بهم إلى دليل مقنع على مرادهم ففعل ( ضلوا ) مستعمل في معنييه المجازيين هما : معنى عدم التوفق في الحجة ومعنى عدو الوصول للدين الحق وهو هنا تعجيب من خطلهم وإعراض عن مجاوبتهم .
( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنت تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا [ 10 ] ) ابتدئت السورة بتعظيم الله وثنائه على أن أنزل الفرقان على رسوله وأعقب ذلك بما تلقى به المشركون هذه المزية من الجحود والإنكار الناشئ عن تمسكهم بما اتخذوه من آلهة من صفاتهم ما ينافي الإلهية ثم طعنوا في القرآن والذي جاء به بما هو كفران للنعمة ومن جاء بها .
فلما أريد الإعراض عن باطلهم والإقبال على خطاب الرسول بتثبيته وتثبيت المؤمنين أعيد اللفظ الذي ابتدئت به السورة على طريقة وصل الكلام بقوله ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ) .
A E وهذه الجملة استئناف واقع موقع الجواب عن قولهم ( أو تكون له جنة ) الخ أي إن شاء جعل لك خيرا من الذي اقترحوه أي أفضل منه أي إن شاء عجله لك في الدنيا فالإشارة إلى المذكور من قولهم فيجوز أن يكن المراد بالجنات والقصور جنات في الدنيا وقصورا فيها أي خيرا من الذي اقترحوه دليلا على صدقك في زعمهم بأن تكون عدة جنات وفيها قصور . وبهذا فسر جمهور المفسرين . وعلى هذا التأويل تكون ( إن ) الشرطية واقعة موقع ( لو ) أي أنه لم يشأ ولو شاءه لفعله ولكن الحكمة اقتضت عدم البسط للرسول في هذه الدنيا ولكن المشركين لا يدركون المطالب العالية .
وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون المراد بالجنات والقصور ليست التي في الدنيا أي هي جنات الخلد وقصور الجنة فيكون وعد من الله لرسوله .
واقترن هذا الوعد بشرط المشيئة جار على ما تقتضيه العظمة الإلهية وإلا فسياق الوعد يقتضي الجزم بحصوله فالله شاء ذلك لا محالة بأن يقال : تبارك الذي جعل لك خيرا من ذلك . فموقع ( إن شاء ) اعتراض